أعمال الجمعية

خطاب جمعية العلماء لأهل النعامة

‎أ.حسام الدين حمادي/

 

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله الذي بعث في كل زمان ومكان رجالًا يحملون راية الحق، ويذودون عن الدين والوطن، ويجعلون من أنفسهم قدوة في التضحية والعطاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الدعاة وقدوة المجاهدين.
‎أيها العلماء الأجلاء، أيها الدعاة المخلصون، أيها الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
‎إنه لشرف عظيم أن نلتقي اليوم في افتتاح الجمعية العامة الولائية لشعبة ولاية النعامة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في أرض لها تاريخ عريق، وسجل مشرف في الجهاد والعلم والإصلاح. ولاية النعامة، بمدنها المشرية وعين الصفراء وغيرها من المناطق، لم تكن يومًا إلا قلعة من قلاع النضال، ومنارة للعلم والصلاح، ومثلت نموذجًا أصيلًا للجزائري الحر الذي يأبى الذل والهوان، ويقف سدًا منيعًا في وجه كل من يحاول المساس بدينه ووطنه.
‎أيها الإخوة الكرام،
إن هذه الأرض الطيبة، التي نجتمع فيها اليوم، قد أنجبت رجالًا سطروا بدمائهم الزكية أروع صفحات التاريخ. ففي المشرية وعين الصفراء وغيرها من مناطق ولاية النعامة، عاش رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ورفعوا راية الجهاد ضد المستعمر الغاشم. من بينهم الشيخ محمد بن عبد الله التمنطيطي، العالم الجليل الذي نشر العلم في ربوع الجنوب، وكان مثالًا للعالم العامل الذي يجمع بين الدعوة والإصلاح.


‎وفي هذه الأرض المباركة، لم يكن الجهاد مقتصرًا على السلاح فقط، بل كان جهاد العلم والفكر والدعوة حاضرًا بقوة، حيث اجتمع العلماء والدعاة والمصلحون على كلمة سواء، وكانوا الحصن المنيع الذي تصدى لمحاولات الاستعمار طمس الهوية الإسلامية والوطنية.
‎فإننا اليوم، أيها الأحبة، نجدد العهد لأولئك الأبطال والمصلحين، ونسير على خطاهم في حماية الأمانة العظيمة التي ورثناها، أمانة الدين والوطن، وأمانة العلم والإصلاح.
‎أيها الدعاة الأجلاء،
إن مسؤوليتنا اليوم تستدعي منا العمل الجاد لاستكمال مسيرة هؤلاء الأجداد الأبطال، وأن نبذل قصارى جهدنا في تربية هذا الجيل على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات التي تعصف بأمتنا، من موجات التغريب والإلحاد إلى محاولات تشويه قيمنا وأخلاقنا.
‎إن هذه الجمعية المباركة، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي قامت على أكتاف رجال مخلصين أمثال الإمام عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي، تحتاج اليوم إلى جهودنا المتواصلة لإحياء رسالتها وجعلها منارة للعلم والعمل والإصلاح في هذه الولاية المباركة.
‎ولتحقيق ذلك، أدعوكم، أيها الإخوة، إلى إطلاق مشاريع تربوية وثقافية تستهدف أبناءنا وبناتنا، وتغرس فيهم حب القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتحميهم من الانحراف الفكري والأخلاقي. ومن بين هذه المشاريع:
1. إنشاء مدارس قرآنية تربوية: تُعنى بتحفيظ القرآن وتعليم تفسيره، مع غرس القيم الإسلامية الأصيلة.
2. إحياء التراث العلمي للعلماء المحليين: كإبراز سيرة الشيخ التمنطيطي وغيره من العلماء الذين أثروا في تاريخ المنطقة.
3. تنظيم ملتقيات تربوية شبابية: تعزز الهوية الإسلامية والوطنية لدى الشباب، وتحصنهم من موجات التغريب.
4. إقامة دورات للأسر والأولياء: لتوعيتهم بدورهم في تربية أبنائهم على المبادئ الإسلامية الصحيحة.
‎أيها الإخوة،
إن أبناء هذه الولاية أثبتوا في الماضي أصالتهم ووفاءهم لدينهم ووطنهم، من خلال تضحياتهم العظيمة في الجهاد، واليوم ندعو أبناء المشرية وعين الصفراء وكل ربوع ولاية النعامة إلى مواصلة هذا الإرث المشرف. علينا أن نصل الليل بالنهار، وأن نكون قدوة في العمل والبذل، لنصون هذه الأمانة، ونعيد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مجدها، ونحمي أجيالنا من كل ما يهدد هويتهم وقيمهم.
‎أيها الأحبة،
إن الله سبحانه وعد المخلصين العاملين بجزيل الأجر وعظيم الثواب، فقال عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: 2]، وقال أيضًا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].
‎فلنعمل بإخلاص، ولننطلق بقوة وعزيمة في هذا المشروع الإصلاحي الكبير، سائلين الله أن يوفقنا لما فيه خير ديننا ووطننا.
‎بارك الله في جهودكم، وجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، ونفع به الإسلام والمسلمين.
‎والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com