ركن المرأة الفلسطينية تاريخ و نضال: المرأة الفلسطينية الأسيرة
د. نجيبة عابد/
تعيش المرأة الفلسطينية معاناة شعبها وتدرك عمق الاضطهاد تحت وطأة الاحتلال الصهيوني، وقد كان لها دور رائد وفعال في مسيرة النضال والمقاومة مما عرضها للأسر والاعتقال والسجون، وتعتبر قضية المرأة الفلسطينية الأسيرة قضية إنسانية بامتياز، فهي تكشف عن الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني، وتظهر للعالم حجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. كما أنها تسلط الضوء على دور المرأة في النضال من أجل الحرية والكرامة. وتواجه المرأة الفلسطينية الأسيرة العديد من التحديات والمعاناة، منها:
الاعتقال التعسفي: يتم اعتقال النساء الفلسطينيات دون مبرر قانوني، وتتعرضن للتحقيق القاسي والتعذيب بمختلف الطرق والوسائل.
الحبس الانفرادي: تفرض سلطات الاحتلال الحبس الانفرادي على النساء الأسيرات، مما يؤثر سلباً على صحتهن النفسية والجسدية.
حرمانهن من الزيارات: يتم حرمان النساء الأسيرات من زيارة أهاليهن وأصدقائهن بشكل متكرر، مما يزيد من معاناتهن.
الظروف المعيشية الصعبة: تعيش النساء الأسيرات في ظروف معيشية صعبة، حيث يعانين من نقص التغذية والرعاية الصحي، وانتهاك الخصوصية.
ومنذ عام 1967، تم احتجاز أكثر من 17000 امرأة في السجون الإسرائيلية، وحدث أكبر عدد من الاعتقالات في الانتفاضة الأولى (1987-1993)، والتي تم خلالها اعتقال 3000 امرأة، وفي الانتفاضة الثانية (2000-2005) حيث تم اعتقال حوالي 1000 امرأة، وفي عام 2019 اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 1600 فلسطيني بينهم 230 طفلًا و40 امرأة.
وإلى غاية 09/10/2024 عدد الأسيرات خارج قطاع غزة هو 95، بحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وهذا بعد أن تم تحرير30 في صفقة طوفان الأقصى، أما في القطاع فلا أحد يعلم والاعتقالات لازالت جارية لحد الآن.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة للأسيرات داخل السجون، إلا أنهن استمرين في المقاومة والقيادة، ففي أبريل 1970 شنت الأسيرات الفلسطينيات في سجن نفيه ترتسا أول إضراب جماعي عن الطعام لحركة الأسرى الفلسطينيين عندما رفضن الطعام لمدة تسعة أيام، وطالبن خلال ذلك الاحتجاج بالحصول على المستلزمات الصحية للسيدات، وكذلك وضع حد للضرب والحبس الانفرادي، وتوالت بعد ذلك الإضرابات العامة عن الطعام وأعمال الاحتجاج، في أعوام 1985 و2004 و2019، كما أنه على الرغم من حرمان الاحتلال الإسرائيلي لهنّ من التعليم الرسمي طورت الأسيرات الفلسطينيات تعليمًا موازيًا لجميع الأسيرات.
ومن الأسيرات الفلسطينيات إسراء الجعابيص التي تعرضت للاعتقال بعد أن تعطلت سيارتها قرب حاجز صهيوني فأطلق عليها الجنود الصهاينة النار مما أدى لانفجار قارورة غاز كانت فيها، فاندلع حريق ضخم، تعرضت إسراء نتيجة لذلك إلى حروق تراوحت بين الدرجة الأولى والثالثة طالت 50% إلى 60% من جسدها، وفقدت أصابع يديها كافة، وتشوه وجهها، والتصقت أذناها برأسها، وفقدت قدرتها على رفع يديها نتيجة لالتصاقات الجلد في مناطق مختلفة. والتي رغم حالتها الصحية لم يفرج عنها إلا في صفقة الطوفان.
ومنهن أيضا ميسون موسى الجبالي عميدة الأسيرات التي اعتقلت عام 2015 وهي طالبة في سنتها الجامعية الأولى وحكم عليها بـ15 سنة سجنا، لتنال حريتها بعد صفقة نوفمبر 2023.
وعن سبب اعتقال الأسيرة شروق الدويات نكتشف همجية وظلم الكيان الغاصب، فقد اعتقلت وهي متجهة للصلاة في المسجد الأقصى، حاول مجند صهيوني انتزاع حجابها، فقاومته، فانهال عليها الرصاص لتصاب في الصدر والرقبة والكتف من مسافة قريبة، ورغم إصابتها بقيت تنزف في الأرض أكثر من نصف ساعة قبل أن تقاد إلى السجن ويحكم عليها ب16 عاما.
وتروي الأسيرة سمر صبيح، بكل مرارة، تجربتها المؤلمة عند اعتقالها وهي حامل، وكيف قضت أشهر حملها في ظروف قاسية في سجون الاحتلال، ولحظة الولادة كانت مقيدة الأيدي والأرجل. عاش طفلها براء طفولته الأولى في ظروف جد صعبة، محرومًا من أبسط مقومات الحياة، ورغم ذلك تحدت المجندين وقاومت همجيتهم، إلى أن من الله عليها بالحرية في صفقة الأحرار.
وقد وثق كتاب «لسنا أرقامًا.. الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال « من إصدار مركز نساء من أجل فلسطين للدراسات والأبحاث، معلومات مهمة عن الأسيرات منذ عام 2000م وحتى عام 2021م. وقدم سردًا تفصيليًا لتجربة الأسر، وقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول، عرض الفصل الأول تجربة أسر المرأة الفلسطينية في سجون الاحتلال بتفاصيلها المؤلمة.كما عرض الفصل الثاني ببليوجرافيا للأسيرات اللاتي توفرت عنهن معلومات موثقة. وحوى الفصل الثالث جدولاً يضم أسماء ومعلومات عن كل أسيرة تم اعتقالها.
ورغم المعاناة التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات، وانتهاكات الاحتلال بحقهن إلا أنهن مازلن يمثلن رمزا للصمود والتحدي والمقاومة، فهن جزء أصيل من نضال الشعب الفلسطيني.