اتجاهات

صنصال والآخرون

أ. عبد العزيز كحيل/

لم أنتظر اعتقاله لأكتب عنه بل كتبت أكثر من مرة عنه وعن أمثاله منذ زمن بعيد وعرّفت بهم وكشفت عن حقيقتهم وحذرت من خطرهم على الإسلام والعربية والوحدة الوطنية.
البداية كانت بكاتب ياسين ومالك حداد…الأول أعلن بوضوح لا شبهة فيه وبصوت مرتفع أنه ليس عربيا ولا مسلما و»ناضل» من أجل أن تكون الجزائر هي الأخرى لا عربية ولا مسلمة، أما الثاني – وهو الأديب القدير والشاعر المرهف الحس – فقد أحس بثقل اللغة الفرنسية عليه وتأسف على حاله – وهو لا يحسن العربية – وأعلنها صريحة «الفرنسية هي منفاي»، فماذا حدث؟ تمكن التيار الفرنكوفوني المتطرف من مفاصل الإعلام والثقافة فجعل من كاتب ياسين نبي الجزائر وقطب رحى الثقافة وبطل التجديد وحاصر مالك حداد وتمكن من إهالة التراب عليه إلى اليوم، فدرجت الأوساط الثقافية على إقامة احتفاليات دورية للأول وغيّبت الثاني وذكره ومؤلفاته…هكذا كانت البداية إذًا ثم امتد الأمر طولا وعرضا وعمقا فسيطر التيار الأول – وما زال – على محاضن الهوية ووسائلها من كتب ووسائل اتصال وإعلام ثقيل وحُشر التيار العربي الإسلامي – وحتى رموزه المفرنسون من مالك بن نبي إلى مسعود بوجنون – في الهامش والذيل وأصبحت الرموز المهيمنة على الثقافة والتعليم هي خليدة تومي وأمين الزاوي وبن غبريط وصولا إلى كمال داود وبوعلام صنصال واستطاعوا جرّ الدولة إلى تبني لافتة «الأمازيغية» ليجعلوا منها هوية بديلة للجزائريين رغم أنوفهم ورغم أنهم لا يتكلمون ولا يكتبون إلا بالفرنسية ولا يعيشون إلا في فرنسا…والغريب في الأمر أنه على مدى عقود تقيم مؤسسات الدولة ندوات وملتقيات وأياما دراسية لأمثال محمد ديب وآسيا جبار وهم يعيشون في فرنسا – وفيها ماتوا – ولم يحضروا هذه التظاهرات ولو مرة واحدة !!! حتى كاتب ياسين مات في باريس وهو مكب على تأليف كتاب احتفاء بالمئة الثانية للثورة الفرنسية !!!أما محمد العيد خليفة ومفدي زكريا وأمثالهما فقد نالهما من الإهمال والتهميش ما لا يخفى على أحد.
يجب أن نقولها واضحة صريحة: هؤلاء يتمتعون بحصانة كاملة جعلتهم يتجرؤون على ثوابت الأمة ويعملون ضدها ولصالح عدوها جهارا، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، بل أكثر من ذلك تبوأ بعضهم مناصب عليا في الدولة، فصنصال كان مديرا مركزيا في وزارة وكان لا يُسأل عما يفعل، أما كبرى الأثافي فهي بن غبريط التي نصبوها على واحدة من أهم وأخطر الوزارات في الدولة هي التربية فقامت على مدى خمس سنوات بجرّ المدرسة إلى التغريب والانسلاخ من الدين والأخلاق بخطى حثيثة ولم تُلق بالا للرأي العام الوطني الذي استهجن «إصلاحاتها» (والتي ما زالت سارية إلى اليوم تتمسك بها الجزائر الجديدة تمسك القديمة)، فبين 2016 و2019 حذفت البسملة من الكتب، منعت الصلاة في المؤسسات التربوية، منعت النقاب، نزعت فلسطين من الخريطة وسمّتها «إسرائيل»…ومنذ خروجها من الوزارة لم يحاسبها أحد رغم ما نشرته الصحافة آنذاك وباستفاضة عن فساد مالي كبير في وزارتها كانت هي طرفا فاعلا فيه، بينما تمت متابعة زملائها على تهم مماثلة وربما أقل فداحة، فهل لديها حصانة إلى هذه الدرجة؟
لكن لماذا يحاسب صنصال اليوم فقط؟ ولماذا هو فقط؟ تأخذنا الحسرة ويتملكنا الأسى ونحن نرى أنه يتابع اليوم بسبب تهم تتعلق بالسيادة الوطنية – وهذا أمر خطير بطبيعة الحال – لكنه قضى حياته – وفي الجزائر – يحارب الإسلام وثوابت الأمة ولم تتحرك أي جهة سيادية لمحاسبته، فهل الوطن مقدس بخلاف الدين؟ زار الكيان الصهيوني في 2012 وانتشرت صوره وهو عند حائط المبكى مع الحاخامات يرتدي القبعة اليهودية ولم يحاسبه أحد…ويبلغ الأسى مداه حين نتذكر ما حدث للشيخ عبد الفتاح حمدوش منذ سنوات حين واجه كمال داود بحقيقته وبيّن تهجمه على دين الله وطالب الدولة بمحاسبته على ذلك فرفع عليه داود قضية وبدل أن تحكم عليه المحكمة بما يناسب مروقه حكمت على الشيخ بستة أشهر سجنا لأن ما قام به «الكاتب المرموق» حرية رأي !!!وفي الوقت الذي كان فيه صنصال مدللا في السلطة كان كثير من الشرفاء من أصحاب الكلمة والقلم مطاردين منبوذين وهكذا استشرى الفساد بجميع أنواعه بشكل غير مسبوق، ولنا أن نتساءل :»كم من صنصال لا يزال مندسا بيننا وفي مؤسسات الدولة يخدم فرنسا والصهيونية وأعداء الدين والبلاد؟»، وكان ينبغي أن تتحرك الدولة والقضاء تلقائيا كلما امتدت يد الإثم والإجرام بالسوء إلى صمام الأمان في المجتمع أي الإسلام والعربية والوحدة الوطنية خاصة في ما يسمى الوسط الأدبي الفرنكوفوني الذي دأب على الأفعال الشنيعة واستفزاز مشاعر المسلمين.
وها قد تحركت آلة فرنسا السياسية والإعلامية للدفاع عن صنصال فيا ثوابتنا أين البواكي؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com