همسة في آذان أبناء جمعية العلماء

حسام الدين حمآدي/
في هذا الزمن المليء بالتحديات والمحن، نقف اليوم بين يدي الله ونستشعر عظم الأمانة التي نُطوِّق بها أعناقنا، أمانة الدعوة إلى الحق والذود عن قيم أمتنا وهويتها في وجه تيارات طاغية وأعاصير فكرية وثقافية تسعى لطمس معالم ديننا وإذابة هويتنا.
إن العالم الإسلامي اليوم، وعلى رأسه أمتنا الجزائرية، يعيش مرحلة دقيقة تستدعي من العلماء والدعاة وقفة جادة وثابتة، تتسم بالشجاعة والوعي والعمل الدؤوب. لقد أصبحت الهيمنة الغربية لا تقتصر على السلاح والاقتصاد، بل امتدت إلى العقول والأفكار، فأضحت تبث سمومها في أبنائنا عبر الشذوذ الأخلاقي، والإلحاد الممنهج، والدعوات التي تنشر الفساد تحت شعارات الحرية والتقدم.
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هي معقل الحرية والفكر الأصيل الذي يستلهم من القرآن والسنة منهجًا للتحرر من كل أشكال التبعية والهيمنة. هي وريثة من وقفوا في وجه الاحتلال بأقلامهم وألسنتهم، فواجب علينا اليوم أن نواصل مسيرتهم، وأن نصل الليل بالنهار من أجل تحرير عقول أبنائنا من مشاريع الشيطان التي تريد أن تنحرف بهم عن الصراط المستقيم.
ولن يتحقق هذا الهدف إلا بالعمل على مشاريع رائدة تعيد بناء الإنسان وتحمي الجيل الناشئ من الضياع. ومن بين هذه المشاريع:
مشروع الحصانة الفكرية: إعداد برامج تربوية وتعليمية تزرع العقيدة الصحيحة وتحصن الشباب من موجات الإلحاد والتشكيك.
مشروع حماية الأسرة: إطلاق مبادرات تثقيفية لمحاربة الشذوذ الأخلاقي والدفاع عن قيم الأسرة المسلمة التي تشكل حصن المجتمع المنيع.
مشروع الإعلام الحر: إنشاء منصات إعلامية إسلامية واعية تتصدى للهجمة الثقافية الغربية وتنشر الوعي والقيم الصحيحة.
مشروع النهضة العلمية: دعم البحوث والدراسات التي تسهم في بناء نهضة فكرية وحضارية مستلهمة من تراثنا الإسلامي.
مشروع التوعية بالمخاطر الرقمية: توجيه الشباب لكيفية استخدام التكنولوجيا بشكل آمن، والتصدي للمحتويات الضارة التي تستهدف قيمهم وأخلاقهم.
إن أمتنا بحاجة إلى رجال يُحسنون قراءة الواقع، ويعملون بوعي وإخلاص لتحقيق التغيير. يقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. فواجب علينا أن نتعاون في هذه الجمعية المباركة، وأن نوحد صفوفنا ونشحذ هممنا لنكون سدًا منيعًا في وجه كل من يريد بأمتنا سوءًا.
فلنعمل بكل جهد على أن تكون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين صوتًا قويًا للحرية الحقة، ومنبرًا للكرامة، وحصنًا يحمي عقيدة الأمة وهويتها. ولنكن على يقين أن هذا العمل يحتاج إلى الصبر والتضحيات، ولكن أجره عند الله عظيم، وهو وعده سبحانه: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20].
بارك الله في جهودكم، وسدد خطاكم، وجعلنا وإياكم ممن قال فيهم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].