يا قوم لبّوا الصّريخ، إن كان لكم بالإسلام نسب صريح
أ: محمد العلمي السائحي/
هؤلاء قومنا الصامدون في غزة، محاصرون، فلا ينفذ إليهم شيء مما يستعان به على الحياة، فلا طعام يصل إليهم، ولا ماء، ولا كهرباء ولا دواء، ولأن بلواهم تلك لم تكن كافية لتثني عزيمتهم على قتال عدوهم، بدا لهذا العدو البغيض، أن يضيف إلى حرمانهم من كل تلك النعم، حرمانهم من نعمة الأمن، فراح يقذفهم من البر والبحر، ويقصفهم من الجو بالصواريخ والمسيرات، فتسلط عليهم الموت، وتواترت عليهم أسبابه، حتى صحَّ فيهم قول الشاعر:
من لم يمت بالسيف مات بغيره *** تعددت الأسباب والموت واحد
فمن لم يهلكه الجوع و الضّمأ، أردته القذيفة وفقدان الدواء، وزاد في معاناتهم خذلان الأشقاء والإخوان، والأصدقاء والجيران، فالأولون، حرضوا عليهم الأعداء، والآخرون منعوهم القوت، حتى يتفشى فيهم الموت، وكأن العالم برمته، قد اتفق على عداوتهم، وتواطأ على استئصالهم، ومع ذلك استعانوا بالله، ولم تنحن لهم جباه، حتى صدق فيهم قوله تعالى في الآية 23 من سورة الأحزاب {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.
الكل اتفقوا على الصمود والتصدي للأعداء، مقاومة وحاضنة شعبية، فالأولى راحت تثخن في الأعداء، وتفتك بهم صبح مساء، على الرغم من قلة العتاد، وندرة الزاد، والثانية صرحت أكثر من مرة بتأييدها للمقاومة ووقوفها معها، مهما تعاظمت خسائرهم في الأرواح، وأعلنوها صريحة مدوية، أنه لا شيء من ذلك يثنيهم عن النضال والكفاح، حتى تبزغ شمس الحرية، ويمحو ضوؤها ليل الاحتلال، ويصمت بوق يهوذا، ويعلوا صوت بلال.
إن أهل غزة لهم علينا حقوق واجبة، أدناها أن نعينهم على مدافعة عدوهم وذلك بأن نؤمن لهم الطعام، ونناضل عنهم بالكلام، وإذا لزم الأمر أمددناهم بالرجال والسلاح، حتى يثبتوا ويصمدوا فلا تزل لهم قدم ولا ينكسر لهم جناح، ذلك حق لهم علينا، قد شرعه الله لهم في قوله تعالى في الآية 72 من سورة الأنفال {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقد فعلوا إذ استصرخونا، وسألونا أن نمدهم باحتياجاتهم من الماء والطعام، والدواء والخيام، ونؤمن لهم وصول ذلك إليهم، ويا ليتنا اكتفينا بعدم الاستجابة لهم، بل إن بعضنا كان عونا للعدو على إحكام الحصار عليهم، وبعضنا الآخر وقف حائلا دون نصرة الإخوان لهم، فتصدى للمسيرات والصواريخ التي هاجموا بها بلدات العدو لإحباط جهده، وإضعاف كيده في مقارعة المقاومة.
فماذا بربكم نقول غدا لله، يوم نلقاه، ويقول لنا لماذا لم تلبوا صريخ إخوانكم في الإسلام إذ استنصروكم؟ وأنتم تزعمون أن لكم بالإسلام نسبا صريحا؟