تفاصيل حصرية تنقلها البصائر: البعثة الطبية لهيئة الإغاثة تعود من لبنان ..: ملحمة إنسانية بقيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
تغطية : عبد الغني بلاش/
وصلت بعثة الإغاثة الطبية التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى مطار هواري بومدين، بعد أن أنهت مهمتها الإنسانية في لبنان، حيث حظيت باستقبال جماهيري غفير من عائلات البعثة وأعضاء الجمعية وعدة مواطنين لبوا نداء الجمعية التي ابلغت بتوقيت وصولهم عبر مواقعها، وبحضور قوي لوسائل الإعلام المختلفة، إلى جانب رئيس الجمعية وأعضاء المكتب الوطني، وعدد من أعضاء لجنة الإغاثة.
تأتي هذه البعثة، التي قادها البروفيسور عمار طالبي، كجزء من الجهود الإغاثية التي أطلقتها الجمعية منذ أسبوعين لمساندة الشعب اللبناني الشقيق الذي عانى من آثار العدوان الصهيوني، طوال فترة تواجدها في لبنان، نفذت البعثة سلسلة من الأعمال الإنسانية التي أظهرت الوجه المشرق للجزائر وروح التضامن الإسلامي، وشملت إجراء عمليات جراحية دقيقة في المستشفيات اللبنانية، مستهدفة المرضى والمصابين من المدنيين، ما ساهم في تخفيف الضغط عن الكوادر الصحية المحلية كما بادرت البعثة إلى إنشاء مطاعم ميدانية لإطعام الأسر المنكوبة، مقدمة وجبات يومية للمئات ممن شرّدهم العدوان، ووفرت البعثة المساعدات الأساسية مثل الأغطية، الملابس، والمواد الغذائية، بالإضافة إلى المستلزمات الطبية، ما خفف من معاناة الأسر النازحة، بالإضافة إلى جولات ميدانية شملت المناطق المتضررة من العدوان، للوقوف على حجم الدمار ومواساة الأسر التي فقدت منازلها وأفرادها.
ترحيب لبناني حافل..
لم تقتصر جهود البعثة على الجانب الإنساني فقط، بل شهدت استقبالاً لافتاً من قبل الهيئات الرسمية اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني، التي عبّرت عن امتنانها للدعم الجزائري المتواصل. كما نظمت البعثة ندوات صحفية لتسليط الضوء على حجم المأساة وضرورة تعزيز التضامن الدولي لمساعدة الشعب اللبناني.
رسالة تضامن من الجزائر إلى العالم
في السياق ذاته أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد المجيد بيرم في كلمته بالمطار أن هذه البعثة هي جزء من رسالة الجزائر التاريخية في نصرة القضايا العادلة ومساندة الشعوب المستضعفة، مشدداً على أن العمل الإنساني هو أحد أركان رسالة الجمعية.
وقد عبر أعضاء البعثة لدى عودتهم عن فخرهم بتمثيل الجزائر في هذه المهمة النبيلة، وأكدوا استعدادهم لمواصلة هذه الجهود متى تطلبت الحاجة ذلك.
تجربة إنسانية وسط الدمار.. تفاصيل حصرية من أعضاء البعثة الطبية الجزائرية إلى لبنان
وسط أجواء الدمار وآثار العدوان الصهيوني، تحدث أعضاء البعثة الطبية الجزائرية للبصائر، عن تجربتهم في قلب الأزمة الإنسانية بلبنان. قاد البعثة الشيخ البروفسور عمار طالبي، وضمت نخبة من الأطباء الجزائريين المتخصصين، منهم البروفسور حاتم شكيب دوليبة، أخصائي جراحة المخ والأعصاب، الذي شاركنا تفاصيل رحلته الثانية من هذا النوع بعد تجربته الأولى في غزة عام 2014.
العمل في قلب الحدث
روى البروفسور حاتم شكيب دوليبة تجربته قائلاً: «وصلنا إلى لبنان كفريق مكون من 15 عضواً، وانقسمنا إلى فريقين بمجرد وصولنا؛ الأول توجه إلى مستشفى بعلبك، والثاني إلى مستشفى النبطية، حيث كانتا من أكثر المناطق تضرراً بالقصف الصهيوني. هذان المستشفيان كانا يعانيان من نقص حاد في الكوادر الطبية وسط الأعداد الكبيرة من الجرحى والمصابين».
وأضاف: «عشنا أياماً عصيبة تحت القصف، ولكن صبرنا وإصرارنا كانا أكبر. كنا نستقبل الموتى أكثر من الجرحى يومياً. ومن أصعب اللحظات التي عايشناها كانت عندما تعرض موكب عزاء مكون من تسعة أفراد للقصف، ولم ينجُ أحد منهم».
تحديات ميدانية
وأشار البروفسور دوليبة إلى أن الفريق الطبي الجزائري عمل بتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني لضمان سلامتهم أثناء التنقل بين المستشفيات، نظراً لصعوبة التحرك في ظل القصف المستمر. وأضاف: «تعاونا مع الفريق الطبي اللبناني في مستشفى نبطية الجامعي، حيث أجرينا العديد من العمليات الجراحية. شاهدنا إصابات مروعة، خاصة على مستوى المخ، البطن، والأطراف. بفضل الله، أنقذنا العديد من الأرواح، لكن للأسف، بعض الإصابات كانت بالغة لدرجة استحال معها إنقاذ الضحايا».
في حوار آخر مع الدكتور محمد كيحل، رئيس البعثة الطبية، أوضح التحديات التي واجهها الفريق قائلاً: «كنا نعيش تحت القصف، خاصة في النبطية، حيث كان الوضع مأساوياً. مع ذلك، بذلنا كل ما في وسعنا في سبيل القضية الإنسانية. ذهبنا بأجهزة طبية ومعدات جراحية وفّرتها جمعية العلماء المسلمين، وكنا على استعداد دائم لخدمة السلطات الطبية اللبنانية».
وأضاف الدكتور كيحل ملاحظة مثيرة: «توقعنا أن يكون الأطباء اللبنانيون في المستشفيات متحدثين بالفرنسية نظراً للتأثير الفرنسي، لكننا فوجئنا بأنّهم يتحدثون الإنجليزية ….»
أوضاع مأساوية
وصف أعضاء البعثة الوضع العام في لبنان بأنه «مرعب»، حيث أصبحت النبطية مدينة خالية من سكانها، مبانيها مهدمة، وسياراتها مهجورة. أشاروا إلى استخدام العدو الصهيوني للطائرات المسيرة (درون) التي تستهدف أي حركة.
فخر بالمبادرة الجزائرية
اختتم الدكتور كيحل حديثه قائلاً: «كنا من أوائل الفرق الطبية التي وصلت إلى لبنان، وهذا أثار إعجاب الكثيرين. نحن فخورون بمبادرتنا، ونتمنى أن يكون وجودنا قد ساهم في تخفيف معاناة إخواننا اللبنانيين».
عودة البعثة الجزائرية إلى أرض الوطن قابلها استقبال حار من عائلات البعثة واعضاء الجمعية وكل المحبين والمساندين للقضية ، وسط تصفيقات وزغاريد الفرحة بما انجزه ابناء الجزائر الذين لم يبخلوا ولو للحظة في تلبية النداء واغاثة اخوانهم في لبنان، وهو موقف الدولة الجزائرية المشرف والمناصر لكلّ القضايا العادلة في العالم.