البعثة الطبية الجزائرية إلى لبنان
أ د. عمار طالبي/
تجهزت رحلة طبية متخصصة في جراحة الأعصاب والمخ، والعظام، وغيرها، مع مرافقين منهم المسؤول عن العلاقات الخارجية الحاج كريم رزقي، ونجيب بونداوي، والمسؤول عن الإعلام الشيخ يزيد بوجمعة، ورئيس لجنة الإغاثة رئيس الوفد عمار طالبي.
شددنا الرحال يوم 07 نوفمبر 2024 من مطار الجزائر هواري بومدين إلى مطار الدوحة على طائرة الخطوط القطرية، وغيرنا الرحلة في الدوحة عن طريق طيران الشرق الأوسط اللبناني، ووصلنا صباح يوم 08 نوفمبر 2024 إلى مطار الحريري ببيروت.
استقبلنا بحفاوة، من إخواننا اللبنانيين، ثم تم توزيع الأطباء الكرام على مستشفيين أحدهما ببعلبك، والآخر بالنبطية، حاملين معهم ما يلزم من أدوات الجراحة التي اشتريت من الجزائر بما تبرّع به الخيّرون الجزائريون الكرام، فأخذوا مع إخوانهم الأطباء اللبنانيين بحزم وجد يجرون العمليات الجراحية لتخفيف معاناة الجرحى، ومكثوا إلى أن حلوا ببيروت العاصمة، ثم الانتقال راجعين إلى العاصمة، وقد فرح بهذا الوفد إخواننا من الأطباء اللبنانيين والشعب اللبناني الشقيق.
وزار المرافقون للأطباء مركز النازحين، ومعهم أطفالهم، ووزعنا عليهم الوجبات الساخنة في عدة مدارس ابتدائية، وثانويات، وجامعات، التي أقام بها هؤلاء النازحون، الذين هدمت ديارهم وفقدوا كل ما يملكون، كما وزعنا أغطية وأفرشة وأجهزة التدفئة على أسر الشهداء والنازحين، كما وزعنا ألعابا على أطفالهم.
كما زرنا الضاحية الجنوبية وشاهدنا خرابا وركام العمارات، وما كان منها ما يزال قائما خاليا من السكان.
وزرنا بلدة المعيصرة في جبيل محافظة كسروان في أعلى جبال لبنان الشاهقة، وقد قصفت بالطائرات الحربية، فوجدناهم صابرين محتسبين، ووزعنا عليهم كذلك ما قد وزعناه على النازحين الآخرين، فسرّهم ذلك، وأدخل عليهم ابتهاجا، واستقبلنا بها الشيخ حسن عمرو، ورئيس البلدية الأستاذ محمد عمرو.
وعندما رجعنا من هذه الجبال زرنا مركز الدكوانة للنازحين ببرج حمود.
أما لقاؤنا بالمؤسسات والجمعيات فقد بدأنا بزيارة مفتي الجمهورية سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان حفظه الله، فكان مستبشرا بزيارتنا، وتحدثنا معه في شؤون الأمة، ووجوب وحدتها في هذه الظروف الصعبة، فإننا موحدون توحيد الألوهية، وتوحيد الأمة، فقد نص القرآن على هذين التوحيدين، وكل من سعى للتفرقة والتمزيق فهو ضد وحدة الأمة وعزتها.
وزرنا الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الذي يرأسه سماحة الشيخ ماهر حمود.
وزرنا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي يرأسه سماحة الشيخ علي الخطيب، فرحب بنا أشد ترحيب، وأقام لنا مأدبة غذاء في مدينة صيدا، ومررنا بمسجد الإمام الأوزاعي الذي أخذ بمذهبه أهل الأندلس قبل دخول المذهب المالكي، وهذه البلاد بلاد لبنان كان بها النبي إلياس الذي ذكره القرآن ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
وسررنا بهذه الوحدة التي يمثلها تجمع العلماء من السُنّة والشيعة الذي يرأسه سماحة الشيخ حسان عبد الله، وهذا التجمع يمثل أنصار الوحدة، وحدة الأمة، تلك الوحدة التي أمر بها القرآن الكريم وأوصى بها رسوله الكريم.
إن إخواننا في جبهة العمل الإسلامي وفي مقدمتهم الشيخ زهير جعيد، والشيخ عبد الله عبد الناصر جبري، والشيخ شريف تيتو، وهي الجبهة التي كان يرأسها الشيخ الكبير فتحي يكن رحمه الله، وكان يرأس هذه الجماعة الإسلامية أيضا الأستاذ فيصل مولوي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
ومفتاحنا في لبنان إنما هو الأستاذ الكبير الدكتور مَعْن بشور الذي يُعْني عناية فائقة طول عمره ببناء الجسور الجامعة بين مختلف الأحزاب والمذاهب والإيديولوجيات، فهو يوصل ما أمر به الله أن يوصل، ويصلح ذات البين كما قال تعالى: ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾، وكان بيته منزل الجزائريين الزعماء مثل: ابن بله، وعبد الحميد مهري، ودار الرجال المجاهدين، فهو الذي فتح لنا الأبواب، ونظم لقاءاتنا مع مختلف مقومات المجتمع اللبناني، سُنة وشيعة ومسيحيين، وأبى إلا أن يستضيفنا كل ليلة نسعد به ويأنس بنا.
ولا ننسى سعادة سفير الجزائر، واستقباله الرائع لنا، وأبى إلا أن يستضيفنا عدة مرات في مقر إقامته الجميل، ومتعة أطعمته، بارك الله في حياته ووفقه الله في مناشطه الدبلوماسية الناجحة، فنعم الرجل هذا السفير، ونعم بشاشته وطلاقة وجهه أكرمه الله ورعاه.
وسنكمل الحديث عن زيارتنا للعاصمة الثانية في لبنان، وهي طرابلس الشام، ذات الحضارة العريقة، والتاريخ المجيد في الدفاع عن الإسلام والوطن، وهمة رجال هذا الإقليم الرائع.