حكم الجهاد في حال الاعتداء على بعض أرض المسلمين
الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/
الفتوى رقم:738/
الســــــــــــؤال
قالت السائلة: هل حان وقت الفرض العيني على الرجال والنساء، بالنسبة للجهاد في فلسطين؟ وإن لي أولادا أسهر على تربيتهم، فبم تنصحنا في الظروف التي تعيشها الشعوب المسلمة؟ فكيف نقوم بواجبنا في الجهاد؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الجهاد على مراتب: الجهاد بالاتحاد والتعاون وترك النزاع، والجهاد بالإعداد بما يجب من القوة العلمية، والقوة الاقتصادية، والتكنولوجية. عملا بقول الله تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾، والجهاد بتحصين الحدود، والجهاد باليقظة من قبل كل مواطن على أنه إن دعي إلى الدفاع عن الدين، أو عن الأرض، أو لرد اعتداء طارئ، فليكن مستعدا، ليضحي في سبيل وطنه. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الأنفال:45) فما دُمْتِ أيتها الأخت السائلة تنوين الجهاد، فأنتِ حسب سؤالك، إن جهادك في حسن تربية أولادك، وبارك الله فيك على هذا الحرص الإيماني. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: يصبح الجهاد فرض عين: في حال اعتداء الأعداء على بعض أرض المسلمين، قالت السائلة: (هل حان وقت الفرض العيني على الرجال والنساء، بالنسبة للجهاد في فلسطين؟) والجواب: نعم، يحين الجهاد، إذا اعتدى مُعْتَدٍ على جزء من وطن المسلمين. قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة:190) ولكن الجهاد في سبيل الله يقوم على أحكام وقواعد وضوابط، تُبينها مؤسسة دار الإفتاء على مستوى الوطن، فمؤسسة الإفتاء تحت إشراف المفتي العام، هي المسؤولة عن البيان، الضروري للجهاد، وعن إعلان ما يجب في مسألة القيام بالدفاع. فلا يجوز للأفراد المبادرات الفردية في قضايا الجهاد والدفاع العملي المادي. فإن العمل الجهادي الدفاعي يقتضي قيادة الحاكم، وضرورة دقة النظام والتنسيق العام، ووحدة الجيش. وخذ العبرة والحكم الشرعي من جهاد الرسول عليه الصلاة والسلام. روى حذيفة قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: [ألا رجل يأتي هؤلاء القوم فيأتينا بخبرهم؟] فقال: [يا حذيفة] فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: [انطلق إلى هؤلاء القوم فأتني بخبرهم ولا تحدثن شيئا حتى ترجع] (والمعنى لا تتصرف من تلقاء نفسك حتى ترجع إلي، ثم أبين لك ماذا تعمل) قال: فأخذت قوسي وشددت علي ثيابي، فانطلقت حتى أتيت القوم،.. قال: فأخذت قوسي ثم أخذت سهما من كنانتي فوضعته في كبد قوسي، ثم هممت أن أرمي أبا سفيان بن حرب! ثم ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا تحدثن شيئا حتى ترجع] قال: فرددت سهمي ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته الخبر.] (مستخرج أبي عوانة. ط. الجامعة الإسلامية:7280) نعم، لايحق للأفراد أن يتصرفوا فرادى في القضايا المصيرية التي تخص كل الوطن.
ثالثا: والنصيحة للسائلة ومن يقرأ هذه الفتوى: قالت الأخت السائلة: (فبم تنصحنا في الظروف التي تعيشها الشعوب المسلمة؟)إن الوضعية المحزنة للشعوب الإسلامية، لا تجعلنا نحزن، ونبكي، ونندب حظنا من واقعنا المصبوغ بالمرارة والأحداث المؤسفة. إنما هذه الأحوال تجعلنا نستيقظ ونعقد العزم على أن لا نكون فريسة سهلة للكافرين الذين يتربصون بنا الدوائر، والذين يحسبون ألف حساب لأي غلظة ترتكب من بعضنا، كنزاع داخلي بين صفوفنا، أو مبادرة غير مدروسة قد تحدث نكسات في قوتنا، فلا بد من استشارة هيئة العلماء، وأخد التدابير الكافية. عملا بقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (سورة النساء:83)