الفتوى رقم:274/ محمد مكركب
الموضوع: لكل عمل نية خاصة به، نية قضاء الفرض للفرض، ونية التطوع للتطوع.
نص السؤال
قال السائل: سافرت في شهر رمضان، وأفطرت لمشقة السفر ثمانية أيام، وأريد صيام ستة أيام من شوال، وسألت: هل يجوز لي أن أبدأ بصيام السنة (ستة أيام شوال) ثم أقضي الدين. ثمانية أيام التي أفطرتها؟ فأفتاني إمام بجواز ذلك. وسمعت فتوى مفادها: أنه يجوز جمع قضاء دين رمضان مع تطوع سنة شوال بنية القضاء والسنة في وعاء زماني واحد. فما هو الحكم في ذلك؟ بم أبدأ؟، وهل يجوز جمع العملين في عمل واحد؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: يقول الله تعالى:﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ﴾ وفي الحديث الشريف. عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه، أنه حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[ من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر](مسلم.1164) فالمشروط في صيام رمضان إتمام عدة الأيام، وهي عدد أيام الشهر، فمن أفطر بعذر، ثم استطاع أن يصوم، وجب عليه أن يصوم عدد الأيام التي هي دين عليه، من الفريضة ليكمل صيام رمضان، ليقال إنه صام رمضان. ثم إن شاء واستطاع أن يتقرب إلى الله بنافلة الستة أيام من شوال في فله ذلك، أما قبل قضاء الدين، فكيف يكون تطبيق الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: [من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال] فالأصل أنه يصوم رمضان ثم يتبعه ستا من شوال. وجواب السائل. أنه يصوم ما عليه من دين وهي الثمانية أيام، وبذلك يكون قد صام رمضان. ثم إن استطاع أتبعه ستا من شوال. والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.
ثانيا: ورد في الحديث القدسي:[ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ](البخاري.6502) وفي الحديث دلالة العمل بمبدأ الأولويات، إن الله يحب التقرب إليه أولا بالفرائض، ثم بالنوافل. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: يقول السائل:( سمع فتوى مفادها: أنه يجوز جمع قضاء دين رمضان مع تطوع سنة شوال بنية قضاء الدين والسنة في وعاء زماني واحد). الوعاء الزماني كما قلت لا يسع عملين في آن واحد. إنما يكون القيام بعمل في زمن، ثم بعد إنهاء العمل، يشرع في عمل آخر في زمن ثان، وهكذا. فالصائم في رمضان لا يجمع مع صيام الفرض في رمضان قضاء دين سابق، مثلا، أو صيام كفارة. ومن كان في صلاة الفجر لا ينوي في ركعتين أنه يصلي الفريضة والسنة معا، إنما يصلي سنة الفجر ركعتين أولا، ثم يصلي ركعتي الصبح. ومن كان في عمرة لا ينوي عمرتين في عمل عمرة واحدة، إنما يقوم بعمل عمرة من البداية إلى النهاية، ثم في وعاء زماني آخر يقوم بأعمال عمرة ثانية. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قد يكون عمل يغني عن عمل آخر، لاشتراكهما في تحقيق هدف تعبدي آخر. وهذا هو الذي يقيس عليه من يفتي بجمع نيتي القضاء والنافلة في عمل واحد. وهذا قياس مع الفارق. فنص الحديث:[من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر] فالحسنة بعشر أمثالها، ومنه فصيام الشهر كثلاثمائة يوم، كعشرة أشهر. والستة أيام، كستين يوما، كشهرين، وفي الآية ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ﴾ المطلوب هو العدد الحقيقي. فهل النية وحدها تزيد العدد في العبادات؟ ثم مع اختلاف درجة العمل. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.