دقائق الاحترام
عبد الغني بلاش/
نعيش اليوم في زمن يكثر فيه التسرع والنسيان، وتظل “دقائق الاحترام” إحدى القيم التي قد يمر بها البعض مرور الكرام، لكن تأثيرها على المجتمع لا يعد ولا يحصى. هذه الدقائق ليست مجرد لحظات عابرة، بل هي سلوك يعكس النبل والرقي في التعامل مع الآخرين.
دقائق الاحترام هي أن تمنح الأولوية للآخرين في وقت قد يكون فيه لديك الكثير لتفعله. هي تلك اللحظة التي تجعل فيها شؤون الناس أولى من شؤونك الشخصية، ويفيض فيها قلبك بالرغبة في خدمتهم أو مساعدتهم دون أن تنتظر المقابل. قد يكون هذا في أبسط الأشياء: مثل أن تقف في الطريق لتتيح للآخرين المرور دون تسرع، ثم ترد عليهم بابتسامة أو تحية، فتكون بذلك قد نقلت إلى هذا الشخص طاقة إيجابية قد يحتاج إليها أكثر مما تتخيل.
دقائق الاحترام تظهر أيضًا في تصرفاتنا اليومية البسيطة. في مواقف مثل الذهاب إلى البلدية أو البريد أو حتى قاعة الانتظار، قد نجد أنفسنا أمام شخص مريض أو مسنّ يحتاج إلى مكان للجلوس أكثر من حاجتنا نحن لذلك. في تلك اللحظة، يكون لدينا الخيار: إما أن نتشبث بمكاننا أو أن نتنازل عنه بإرادتنا. ولكن أن تمنح مكانك لهذا الشخص الذي يعاني، هو نوع من الإنسانية التي يعجز الكلام عن وصفها. إنها رسالة تنبثق من قلبك: “أنا هنا من أجلك، حتى لو كانت تلك لحظة صغيرة في يومي، لكنها كبيرة بالنسبة لك.”
إذا كانت الدقائق التي نمنحها للآخرين بصدق واحترام هي انعكاس لثقافتنا وأخلاقنا، فإنها ستساهم في خلق بيئة أكثر تلاحمًا وتفاهمًا، حيث يشعر كل شخص بأنه جزء من مجموعة تتبادل الاهتمام والتعاون. إننا في حـــاجـــة اليوم إلى أن نعي أن هذه الدقائق البسيطة، رغم بساطتها، يمكن أن تحدث فرقا كبيرًا في حياة الآخرين، بل قد تكون هي الأمل الذي يحتاجونه في عــالـم لا يـتـوقـف عــــن الركـــض.