غزوة بدر وثورة التحرير
الشيخ نــور الدين رزيق
الأمين العام – جمعية العلماء المسلمين الجزائريين /
كان حال الجزائر قبل اندلاع الثورة 1954 شبيهة بحال المسلمين الأولين قبل بدر، إذ قام العلامة العظيم عبد الحميد بن باديس وأصحابه المخلصون بواسطة المدارس والنوادي والمساجد الحرة بالإعداد الروحي والفكري والاجتماعي، وأعدها من الناحية السياسية الأحزاب الوطنية، فثورة التحرير الجزائرية: هدفت إلى تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي الذي استمر منذ عام 1830، وإقامة دولة جزائرية مستقلة تعترف بالهوية الثقافية والدينية للشعب الجزائري.
وغزوة بدر نهاية وبداية، نهاية للجهاد السلمي وجهاد الدعوة بالحجة والبرهان والصبر على الأذى والاستعداد للحرب بالسيف والحديد وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (الأنفال/60). عندما نرجع إلى ثورة التحرير الجزائرية: واجه المجاهدون الجزائريون تحديات ضخمة، حيث كان عليهم مواجهة جيش فرنسي مدجج بالسلاح وبموارد ضخمة، إضافة إلى الصعوبات الجغرافية، في غزوة بدر: كانت الجيوش الإسلامية قليلة العدد، وواجه المسلمون جيشا أكبر وأقوى من قريش، وكان عليهم التغلب على قلة الإمكانيات والأعداد.
ثورة التحرير الجزائرية انتهت بالاستقلال عن فرنسا في 5 يوليو 1962 بعد سبع سنوات من الكفاح المسلح والتضحيات الكبيرة، أما غزوة بدر فكانت انتصارا تاريخيا للمسلمين على قريش، وأصبحت علامة فارقة في تاريخ الإسلام، حيث عززت مكانة المسلمين وأثبتت قوتهم في شبه الجزيرة العربية.
لما نتحدث عن الرمزية التاريخية، ثورة التحرير الجزائرية أصبحت رمزا عالميا لمقاومة الاستعمار وحركات التحرر الوطني، ويمثل يوم 1نوفمبر عيدا وطنيا للجزائريين، كما أن غزوة بدر تعتبر إحدى أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، ولها مكانة كبيرة بين المسلمين كأول معركة كبرى أثبت فيها المسلمون قدرتهم على الدفاع عن دينهم، أما من حيث القيم المشتركة، فكلا الحدثين ارتبطا بقيم التضحية والصبر والإيمان بالهدف، وأظهرا رغبة عميقة في تحقيق الحرية والكرامة للشعوب، سواء من الاحتلال الأجنبي أو من الاضطهاد الديني.
نصر من الله وفتح قريب لأهالينا في غزة العزة.