بمناسبة ثورة الفاتح من نوفمبر الخالدة، “و بعد فيلم عبد الحميد بن باديس”.. الفقيه الثائر الذي حارب بأنوار العلم ظلمات المستعمر الغادر
قناة الجزيرة تقدم العرض الأول لفيلم جديد عن العلامة الجزائري "الشيخ البشير الإبراهيمي"

محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا /
بتواصل مع عائلة شيخنا العلامة البشير الابراهيمي – رحمه الله -هذا الأسبوع، بُشرنا بخبر ثقافي مبهج، عن أحد ركائز الدعوة والإصلاح وأحد رجالات هذه الأمة الأفذاذ، مفاده أن قناة الجزيرة الفضائية قد أنهت إنجاز الفيلم الوثائقي عن سيرة وحياة شيخنا العلامة البشير الإبراهيمي الذي صورت بعض مقاطعه في أولاد براهم بولاية سطيف وجهات أخرى مع شخصيات وطنية ودولية، وسيعرض الفيلم – بحول الله – على الجمهور العربي والإسلامي بجزئيه، الجزء الأول والثاني، عبر قناة الجزيرة الوثائقية (الفضائية)، وفق البرنامج المنوع التالي :
الجزء الأول يعرض يوم : الفاتح نوفمبر 2024، الساعة 18:00 بتوقيت غرينيتش/ 19:00 بتوقيت الجزائر
والإعادة تكون يوم : 2 نوفمبر 2024، الساعة 14:00 بتوقيت غرينيتش/ 15:00 بتوقيت الجزائر
الجزء الثاني : يوم 8 نوفمبر 2024، الساعة 18:00 بتوقيت غرينيتش/ 19:00 بتوقيت الجزائر
والإعادة تكون يوم 29 نوفمبر 2024، الساعة 14:00 بتوقيت غرينيتش/ 15:00 بتوقيت الجزائر
وشيخنا العلامة البشير الابراهيم، الرئيس الثاني لجمعية العلماء، يستحق أكثر من هذا الفيلم الوثائقي، فهو بحق و حقيقة شخصية دولية عظيمة متميزة متعددة المواهب، رائد من رواد جهاد القرطاس والقلم كشقيقه الاكبر العلامة بن باديس وكبار الأمة الإسلامية في زمانه، بل من كبار رواد العلم والإصلاح ليس في الجزائر و العالم العربي فحسب ، بل في العالم الإسلامي و الإنساني قاطبة، علما وفقها وفصاحة وبلاغة و تضحيات يشهد لها المعاصرون له في زمانه من تلامذته وصحبه، ومواقفه في جهاد شعب الجزائر وفلسطين وغيرهما، والمتتبعون لآثاره أدرى، فقد كان له الأثر البالغ على الفكر والاصلاح التربوي واعداد أجيال واعدة وفق القيم والمبادئ الإسلامية التي لا تتنافى أبدا مع مقومات التربية الحديثة مركزا فيها على المعلم والمتعلم والمحتوى التعليمي في حقبة زمنية عاشها الشعب الجزائري في ظلمات الجهل عقودا، أمام المستعمر الفرنسي الغاصب واذنابه بعد الاستقلال ، أما عن فصاحته وبلاغة لسانه فأثاره المنشورة تدل على علو كعبه، وعلى رغم كل التحديات التي أرادت كسر شوكته، بقي شامخا في عليائه، رغم الداء و الأعداء، و مات شريفا نظيفا تحت إقامة جبرية ظالمة..
وبعد هذه المسيرة الواعدة، ومنذ سنوات كنا ننتظر، مثل هذه اللفتات الطيبة والتكريمات، خاصة بعد عرض فيلم الإمام “عبد الحميد بن باديس”.. الفقيه الثائر الذي حارب بأنوار العلم ظلمات المستعمر الغادر، الى أخر رمق من حياته.. والفيلم نجح نوعا ما في عرض حياة ابن باديس، حيث تناول المحطات المهمة في حياة العلامة عبد الحميد بن باديس وهو واحد من أهم رجال الإصلاح في الوطن العربي ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. كما روى كاتب السيناريو بمهنية مقاومته الباسلة ضد الاستعمار والمؤامرات التي حيكت ضده من طرف المستعمر، بسرد محطات تنقلات ابن باديس إلى تونس من أجل طلب العلم وكفاحه ودفاعه عن الهوية الوطنية الجزائرية..
لكن فيلم ” ابن باديس” حسب العديد من النقاد، يبقى تجربة تحتاج الى أضواء أخرى من زوايا أخرى، لم يبحر مخرجه بعيدا في شخصية العالم الثائر، ولم يعطها أبعادها الروحية والتربوية والجهادية الإقليمية والدولية الكاملة.
فحبذا لو تفكر وزارة الثقافة أو الاعلام في بعث مشاريع أخرى تكمل هذا الجهد، مع شخصيات وطنية أخرى، ولا تنتظر الغريب أو الأجنبي أن يقطف ثمار جهود رجال الأمة ونساءها بأسلوبه وماله و تقنياته، فالجزائر، أرض التضحيات والشهداء، أرض خير وعطاء!!.
وشيخنا العلامة محمود بوزوزو، رحمه الله، تتلمذ على الرجلين، على الإمام ابن باديس وعلى الشيخ الابراهيمي، وكان كثير الاستغراب، و يتسائل معنا ببراءة كيف لأناس في الغرب لا وزن لهم ولا تاريخ، تصور لهم بطولات وأفلام وسيناريوات، و نحن العرب الابطال والشجعان نزهد في رموزنا، ونحاصرهم أحياء و أمواتا، مؤكدا لنا يوما في مكتبه، بجنيف بقوله، أن: “الثورة الجزائرية العظيمة هي تاريخ من بطولات وتضحيات عجيبة و نادرة، في كل قرية من أرض الجزائر أبطال عظام و ليس حتى في كبرى المدن، قسنطينة ووهران وعنابة وتلمسان، لابد أن يُحكى تاريخنا ويوثق لأجيال قادمة ومن أهم أدوات التوثيق ، بعد الكتاب “السينما”، الصورة التي تمنحك معايشة لأحداث لم تمر بها ولكنك تشاهدها بالتفصيل وتكسبك المعرفة بتاريخ معاناة شعب عظيم أصر على استرجاع وطنه وانتصر، بعد أكثر من قرن من الجهاد والاستشهاد !!”.
وعلى ذكر أفلام شخصياتنا الوطنية، لا أبوح سرا إن قلت أن هناك مؤسسات إعلامية عربية تحضر أفلاما عن شخصيات جزائرية منذ سنوات منها فيلم عن حياة كل من المفكر مالك بن نبي”، وتوقف التسجيل لست ادري لماذا ، وفيلم آخر عن العلامة الشيخ بوزوزو المرشد العام للكشافة الاسلامية، هذا الأخير الذي رفض أيام حياته، تواضعا، المرور مع أحمد منصور في برنامج شاهد على العصر، في قناة الجزيرة، واقترح بدله الرئيس أحمد بن بلة، رحمهم الله جميعا.
عموما مبروك لنا في الجزائر وفي جمعية العلماء هذا المولود الإعلامي الجديد، المتمثل في فيلم شيخنا ” محمد البشير الابراهيمي”، رحمه الله ونفعنا بعلمه وإخلاصه و تضحياته .. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل !!