في رحاب الشريعة

إعداد المفتاح المجتمعي الحاكم والقاضي والمستشار الواعي

أ. محمد مكركب/

هذا المقال تابع، للبحث الخاص، بالقضايا الكبرى الضرورية، لقيام النهضة الشاملة الحقيقية. مما بيناه في المقالات الثلاثة السابقة. فقد بينا فيما سبق إعداد الأبوين، والمعلم والمدير، والعلماء والأئمة الدعاة، والفقهاء المفتين. وما زال من بين أكبر رجال الأمة الذين هم أركان المجتمع، وكل منهم إن صلح كان المفتاح الفاتح للخير بالخير، ومنهم: الحاكم، والوزير، والقاضي، والمستشار، والجندي، ورجل الإعلام، والطبيب، والمهندس، وكل فرد في المجتمع له قيمته وقدره ومكانته. كما بينت لكم هذا في كتابنا: {فقه الواجبات} فقد ذكرنا دور التاجر، والطبيب، وطالب العلم وغيرهم. خامسا: (هذا الترتيب بالنسبة للمقال السابق) والحديث هنا عن إعداد الحاكم العالم الزاهد الذي هو الأمير أو الرئيس أو الملك. الذي ينصح لأمته حبا وإخلاصا، إنه الحاكم العادل، صاحب الضمير الحي، والخلق العظيم. الحاكم له القيمة المجتمعية العالية، ثم المسؤولية العظيمة الواعية، ووظيفته أمانة يتوقف عليها مصير الأمة. والحاكم، والحكم، حتى في اللغة، له اعتبار، من حكم يحكم حكما، وَالله عز وَجل الْحَاكِم الْعدْل، وَالْحَكَم الْعدْل فِي حكمه، سبحانه وتعالى. ومن معاني الحاكم: الفاتح، والفتاح للمبالغة، والحاكم: القاضي،والفيصل في القضايا،إذا اجتهدَ الحاكمُ وأخطأ فلَه أجْر. والحاكم: السلطان،.الوزير المخلص الخبير. الذي يؤدي الأمانات إلى أهلها. الذي يملك القدرة على الإشراف الشمولي لمجال اختصاصه.القاضي العادل. الذي يحكم بالحق، لإحقاق الحق. الذي لا ينام عن قضية حتى يفصل فيها بما يرضي الله سبحانه. وكل قضية تعرض عليه يحكم فيها ولا يتركها معلقة، ولا يترك الخصومات تتراكم، والشنآن يتفاقم. والقاضي المسلم يعلم أو يجب أن يعلم، أن العدل أساس الملك، وما تخلف المسلمون إلا عندما انحرفت التربية، وفسد الحكم، وغابت الأمانة، وحكم الجاهلون بغير ما أنزل الله، فزاغوا وأزاغوا. وربنا سبحانه وتعالى. أمر الأنبياء ومن ورائهم الأمم بأن يحكموا بالعدل. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ (سورة النساء:58)وفي الخبر، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار.] (أبو داود:3573) وليعلم الأخ القاضي، والأخ الوزير، والأخ الحاكم أينما كان، إننا لسنا في غنى عن الموعظة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين قال الله سبحانه لأحدهم عليه السلام. ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (سورة ص:26)
المحامي التقي الذكي: الذي يفقه البحث عن الحقيقة، ويرشد إلى إحقاق الحق. الذي يفقه قول الله تعالى:﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ (النساء:107) والمعنى:لا تخاصم ولا تدافع عن الذين يخونون أنفسهم بالمعاصي، يظلمون أنفسهم بمخالفة القوانين، ويظلمون غيرهم بأخذ حقوق الناس، ويريدون من المحامين أن يدافعوا عنهم، إن الله سبحانه، لا يحب من كان مفرطاً في الخيانة،ولا يحب من كان منهمكاً في المعاصي والآثام، ولا يحب من كان خوانا ظالما ولا يحب من يركن إلى الظالمين. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ (سورة هود:113) ومن المفاتيح: المستشارون الأمناء، الذين يتفقهون، ويدرسون القضايا، ويخلصون النصيحة لوطنهم. إنهم النواب في المجالس الوطنية، الذين تتوقف مصالح الأمة على الدور الذي يجب أن يقوموا به نحو أمتهم. ومن مفاتيح الخير في المجتمع: الجنود الأمناء الصابرون المدافعون عن الوطن والدين. إن حراس المبادئ والقيم، الذين نذرواأنفسهم للتضحية في سبيل الله دفاعا عن وطنهم، ودينهم وأمتهم. الجندي المؤمن يعمل لله يريد الجنة، ويريد النجاة من النار. ويعمل بما ورد في الخبر الصادق. عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] (الترمذي:1639) وقبل هذا قول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (سورة التوبة:111) إنهم الذين يقاتلون المعتدين فقط، وبأمر الحاكم الإمام المكلف بإجماع علماء الأمة، ويقاتلون من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، لا من أجل طائفة، ولا من أجل حزب، ولا قبيلة، ولا يقتلون من يقول لا إله إلا الله، ولا مسالما، إلا على من رفع السلاح تمردا وخروجا على الأمة.
ومن مفاتيح الخير الإعلاميُّ المخلصُ، الذي ينشر الوعي بين الناس، ويرد على الشبهات التي تسيء إلى الإسلام، الإعلامي الذي يريد العزة لوطنه وأمته ودينه، لا يريد الشهرة بالخبطات الصحفية المثيرة، الإعلامي الذي يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يكون من الذين ينشرون الفتن، بالتشاحن الإعلامي والدعايات المغرضة.ثم كل صاحب مهنة في المجتمع على الإطلاق. كالطبيب، والصيدلي، والتاجر، وكل أصحاب الحرف، والسائق، والبواب، والفلاح، ورجل الأعمال.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com