الفتوى رقم: 273/ محمد مكركب
الموضوع: الذين يجوز لهم أن يفطروا في رمضان ويقضوا بعد زوال العذر
قالت السائلة: إنّي امرأة حامل، ومن عادتي أن أرضع أولادي بنفسي، فهل يجوز لي الإفطار في رمضان إن أحسست بمشقة وتعب أثناء حولي إرضاع مولودي؟
تقول السائلة أيضا: وقالوا لي: “لا يجوز لك أن تفطري رمضانيين متتابعين”. وسألت إمام المسجد فأفتى لي بالجواز، وأن أطعم عن كل يوم مسكينا. قالت السائلة: فما الحكم في المسألة؟ وهل يجب علي القضاء أم الإطعام؟
الجــواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أولا: قال الله تعالى: ﴿أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 184]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].
فبين الله تعالى أن الأيام المعدودات المكتوبة هي شهر رمضان، وأن من كان مريضا، أو مسافرا في شهر رمضان، وجب عليه الإفطار، لعدم الاستطاعة، وبعد رمضان – وعند الاستطاعة – يقضي، قال تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185]. والحامل تدخل في حكم المريض، والمرضعة تدخل في حكم المسافر، وكل من وجد مشقة كالعمال في المناجم، والمجاهدون في المعارك، والمصابون بإرهاق مفاجئ. فإنهم يفطرون ثم يقضون؛ فيجوز للأخت السائلة أن تفطر في رمضان أثاء الحمل إن خافت على نفسها، أو على جنينها، وكذلك أثناء الرضاع لها أن تفطر في رمضان ثم تقضي، أي: تصوم يوما عن كل يوم أفطرته.
والله تعالى أعلم.
ثانيا: المسألة اجتهادية في القضاء، فهل الوجوب الصيام أم الإطعام؟
لا شك في أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو على ولدهما جاز لهما الإفطار. ثم هل تقضيان أم تطعمان؟
وأقول للسائلة الكريمة عليك القضاء. تصومين يوما عن كل يوم أفطرته، والله تعالى أعلم.
وقد أفتى علماء بالإطعام، والإمام الذي سألتِه، أفتاك بفتوى صحيحة. ففي موطأ الإمام مالك (قال مالك: أنه بلغه، أن عبد الله بن عمر سئل عن المرأة الحامل، إذا خافت على ولدها، واشتد عليها الصيام؟ فقال: تفطر وتطعم، مكان كل يوم، مسكينا. مُدا من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم.. قال مالك: وأهل العلم يرون عليها القضاء، كما قال الله: ﴿ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]، ويرون ذلك مرضا من الأمراض، مع الخوف على ولدها) (الموطأ:1089). إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم، وعليه فالحامل والمرضع، تفطران وتقضيان، وعلماء اجتهدوا وفرقوا بين الحامل والمرضع. وفي صحيح البخاري، كتاب التفسير. ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 184]، قَالَ عَطَاءٌ: [يُفْطِرُ مِنَ المَرَضِ كُلِّهِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى]، وَقَالَ الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: [فِي المُرْضِعِ أَوِ الحَامِلِ، إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ]}.
والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.