شباب ميديا

شبابنا وقضاياهم/ «ينبغي أن يكون التعاون بين الأسرة والمدرسة قويًا ومتينًا»

عبد الغني بلاش/

في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، تبرز أهمية التربية والتعليم كأداتين محوريتين في بناء الأجيال وصقل شخصياتهم، غير أن هذه المهمة الجليلة لا يمكن أن تُنجز دون تضافر جهود الأسرة والمؤسسات التربوية على حد سواء، إذ أن تخلّي أحد الطرفين عن دوره يُعرّض الأبناء لمخاطر لا تحصى.
فالأسرة، بما تمثله من حضن دافئ وبيئة أولية لتنشئة الفرد، تتحمل عبء المسؤولية الكبرى في تنمية القيم الأخلاقية والدينية في نفوس الأبناء، لأن دور الوالدين لا يقتصر على تلبية الاحتياجات المادية فقط، بل يمتد إلى التوجيه الأخلاقي والمراقبة المستمرة للسلوك، ومع الأسف، نلاحظ في الآونة الأخيرة تنصل بعض الأولياء عن هذا الدور، نتيجة لانشغالات الحياة وضغوطها المتزايدة، ما جعل الأبناء عرضة للانزلاق في مخاطر اجتماعية ونفسية جمة، من بينها العلاقات غير السوية في سن المراهقة، والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، والانحرافات السلوكية داخل المدارس.
إن القيم والمبادئ التي يزرعها الوالدان في أطفالهم خلال سنواتهم الأولى تشكل الأساس الذي يُبنى عليه سلوكهم وتفكيرهم طوال حياتهم، وعليه، يجب على الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، وأن يكونوا حاضرين بوعي وإدراك في متابعة تطورهم النفسي والاجتماعي، خاصة في المراحل الحساسة من حياتهم، كما يتعين عليهم أن يكونوا على دراية بتأثيرات التكنولوجيا الحديثة والعلاقات الاجتماعية الجديدة، وأن يوجّهوا أبنائهم نحو الاستخدام الصحيح والمفيد لها.
أما المؤسسات التربوية، فهي الشريك الثاني في هذه العملية المعقدة، فدور المشرفين التربويين والمعلمين لا يقتصر على تقديم المعرفة الأكاديمية، بل يشمل أيضا متابعة سلوك التلاميذ وتوجيههم نحو بناء شخصيات قوية ومتماسكة، حيث شهدنا في السنوات الأخيرة تسجيل حالات مؤسفة لأطفال وقعوا ضحية انحرافات سلوكية خطيرة، نتيجة لغياب الرقابة الأسرية والتربوية الفاعلة، هذه الانحرافات تتجلى في العنف المدرسي، والعلاقات غير السوية، والانحراف نحو سلوكيات خطيرة، وهي نتائج مباشرة للتقصير في عملية التوجيه.
في هذا السياق، ينبغي أن يكون التعاون بين الأسرة والمدرسة قويًا ومتينًا، فكل طرف منهما يكمل الآخر في عملية التربية، فمن الضروري أن يكون هناك تواصل مستمر بين الأولياء والمؤسسات التربوية لمتابعة تقدم الأبناء على الصعيدين السلوكي والأكاديمي، خاصة في ظل ما نراه اليوم من تغيرات جذرية في القيم الاجتماعية والثقافية.
في الأخير، إن بناء جيل صالح وواعٍ يتطلب تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل، ولهذا علينا أن ندرك جميعًا أن التربية والتعليم هما مسؤوليتنا المشتركة، وأن تقصيرنا في أداء هذه الأدوار يعرض أبناءنا ومستقبل مجتمعاتنا للخطر، ومن هذا المنطلق وجب علينا أن نعود إلى القيم الأصيلة التي كانت يومًا صمام الأمان لأجيال مضت، وأن نعمل معًا لضمان مستقبل آمن ومستقر لأبنائنا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com