يعرف الاضطرار المؤدي إلى استعمال الرخصة بحال المضطر
الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/
الفتوى رقم:732
الســــــــــــؤال
قال السائل: التبست علينا المسائل وضاقت بنا السبل، إنني تقدمت بطلب مسكن لأولادي، وما كنت من المقبولين في السكن الاجتماعي، فاضطررت لتقديم طلب لشراء سكن بالإيجار، على الطريقة المعروفة في شركة {عدل}؟ في نظام الإسكان في الجزائر. ولكن كلام الناس جعلني لا أعرف كيف أعمل؟ وإن الأولاد كَبِرُوا، وأنا محتار.
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: المسلم حيث كان لا تلتبس عليه المسائل: أقول للأخ السائل، قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام: [إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا] (البخاري:39) والله تعالى قال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج:78) وقال الإمام مالك رحمه الله: {وإذا كانت الضرورة. فإن دين الله يسر}.
قال السائل: (التبست علينا المسائل وضاقت بنا السبل) فاعلم أخي المسلم، بأن الله سبحانه وتعالى، شرع لنا الدين رحمة، وأرسل إلينا الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام رحمة، وأنزل القرآن الكريم رحمة، والله سبحان هو الرحمن الرحيم. فلا تلتبس عليك المسائل. ثم إنك تقول: {فاضطررت لتقديم طلب لشراء سكن بالصيغة التي قالوا لك إن فيها شبهة} وقلت:{إن أولادك كَبِرُوا، وأنت محتار} والسؤال؟ من هو الذي يعلم مبلغ الاضطرار؟ إنه المعني نفسه، هو أنت، فإن كنت مضطرا لما فيه شبهة، ولك فيه مصلحة ظاهرة، وفساد غير ظاهر، فالحكم بالجواز. عملا بقول الله تعالى:
﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (البقرة:173) فقد أباح الله المحرمات وقت الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وهذا القدر نفسه يعلمه المحتاج المضطر، وليس غيره، أنت الذي تعلم إن كنت مضطرا. وقال الله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ (الأنعام:119) والمعنى قد بيَّن لكم ربكم الحلال والحرام ووضّح لكم ما يحرم عليكم من الميتة والدم الخ في آية المحرمات إلا في حالة الاضطرار فقد أحلّ لكم ما حرّم أيضاً. وفي مسألة سؤالك فتوكل على الله واشتر المسكن، واستر أولادك، سترك الله، ورزقك العافية.
ثانيا: سبق أن بينا المسألة في الفتاوى المنشورة سابقا: رقم: 170. والفتوى رقم: 257. والفتوى رقم: 652. في موضوع التمليك أو الشراء بالإيجار. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: من مقتضيات فقه الواقع، في التعامل مع النوازل والمستجدات: أن شراء المساكن بالطريقة المشار إليها في السؤال تأخذ حكم الجواز المباح. والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يوجد نص صريح في التحريم في عين المسألة، ثم للظروف والمتغيرات والواقع الذي يعيشه الناس، في دائرة الضوابط العامة، ومنها: أن لا يمس العقد وأثره حقوق الغير. وأن يكون الرضا بين طرفي العقد. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (سورة النساء:29)والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.