فتاوى

كلمة الناس تعني كل البشر من بني آدم، إلا ما خُصِّصَ بقرينة

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com /

الفتوى رقم:731

الســــــــــــؤال
قالت السائلة: نقرأ قول الله سبحانه وتعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} أهو المقصود بالناس هنا أهل مكة، والعرب خاصة، أم هم كل البشر الساكنين هذه الأرض؟ قالت السائلة: فهل كل القارات مدعوون إلى اتباع محمد بن عبد الله خاتم النبيين؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الآية التي سألت عنها السائلة: هي قول الله تعالى:﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ﴾ (الأعراف:158) والجواب: نقول للسائلة: إن المقصودين بهذا الخطاب هم كل البشر، كل الناس الساكنين على الأرض. والنبي محمد لم يرسل فقط لأهل مكة، ولا فقط للعرب، إنما أرسله الله للناس كافة، بل للإنس والجن.
قال المفسر محمد علي الصابوني:{هذا بيان لعموم رسالته صلّى الله عليه وسلّم، لجميع الخلق، أي: قل يا محمد للناس جميعا، إني رسولٌ من عند الله إلى جميع أهل الأرض.} (صفوة التفاسير:1/442). وقال الرازي:{هذه الآية تدل على أن محمدا عليه الصلاة والسلام، مبعوث إلى جميع الخلق. وقالت طائفة من اليهود يقال لهم العيسوية وهم أتباع عيسى الأصفهاني: إن محمدا رسول صادق مبعوث إلى العرب. وغير مبعوث إلى بني إسرائيل. ودليلنا على إبطال قولهم هذه الآية. لأن قوله: يا أيها الناس خطاب يتناول كل الناس. ثم قال: إني رسول الله إليكم جميعا. وهذا يقتضي كونه مبعوثا إلى جميع الناس، وأيضا فما يعلم بالتواتر من دينه، أنه كان يدعي أنه مبعوث إلى كل العالمين. فإما أن يقال: إنه كان رسولا حقا أو ما كان كذلك، فإن كان رسولا حقا، امتنع الكذب عليه. ووجب الجزم بكونه صادقا في كل ما يدعيه، فلما ثبت بالتواتر وبظاهر هذه الآية أنه كان يدعي كونه مبعوثا إلى جميع الخلق وجب كونه صادقا في هذا القول، وذلك يبطل قول من يقول: إنه كان مبعوثا إلى العرب فقط، لا إلى بني إسرائيل} (التفسير الكبير:15/383). وفي تفسير النسفي: {بُعث كلُّ رسول إلى قومه خاصة وبُعِثَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، إلى كافة الإنس وكافة الجن} (مدارك التنزيل وحقائق التأويل:1/610). وفي الحديث.عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ] (مسلم:523) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: أن الناس جميعا مدعوون إلى اتباع محمد عليه الصلاة والسلام: لايجوز لأي كان بعد بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أن يدين بدين غير الإسلام، ولا يعمل بشريعة غير شريعة القرآن. ولا يصح من أحد يَدَّعِي أنه يطيع الله، وأنه يحب الله، وأنه يحب الدخول إلى الجنة، وهو لا يتبع الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى:﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ (آل عمران:31،32) قال ابن كثير: (هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإِنه كاذب في دعواه تلك حتى يتّبع الشرع المحمدي في جميع أقواله وأفعاله) (ابن كثير:1/178) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com