مؤسسات الجمعية

معهد الشيخ عمر دردور للعلوم الشرعية *

د. صالح بن محمد زنداقي/

على طريق التعريف بمؤسسات الجمعية التربوية والشرعية والدعوية، سواء منها ما كان قائما عاملا باجتهاد ، في المجال الدعوي والديني والتربوي، أو حتى مجرد فكرة ومشروع طموح يشتغل عليه الرجال في هذه الشعبة العلمائية أو تلك…على طريق التعريف بتلك المؤسسات تحاول”البصائر” أن تقدم كل أسبوع، أو كل أسبوعين مؤسسة من المؤسسات النافعة للجمعية.وقد شرعت البصائر في هذا الأمر، منذ نحو شهر، وستواصل بحول الله تعالى تعميق هذا النهج ، على أمل أن يتعاون الإخوة من رؤساء الشعَب الولائية والبلدية، والدعاة والأساتذة والأستاذات في القيام بهذا الواجب الديني (التعريف بتلك المؤسسات) بمراسلة البصائر .
في هذا العدد يقدم الشيخ الدكتور صالح زنداقي معهد الشيخ عمر دردور للعلوم الشرعية في باتنة باعتباره المدير التنفيذي له، جزاه الله كل خير.وسنعرّف بشخصية الشيخ العالِم المربيّ الداعية صالح زنداقي في أعدادنا القادمة .

 
******
فكرة تأسيس معهد للعلوم الإسلامية مستمدة من حرص الجيل المؤسس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين على جعل التربية والتعليم أهم سبيل للنهوض بالأمة.
ولهذا تسمّت الجمعية بجمعية العلماء لأنها اعتبرت العلم أهم طرق الإصلاح، فأسسوا المدارس في كل ربوع الوطن، وتوجوا ذلك بتأسيس معهد ابن باديس بقسنطينة، وهذا الذي واصلت شعبة ولاية باتنة السير فيه؛ بتأسيسها لهذا المعهد، وقصدت من ذلك تكوين نخبة من الطلبة الجادين، المتخصصين في العلوم الإسلامية.
والمعهد يدرّس أغلب العلوم الإسلامية المشهورة المعروفة، وهي علوم القرآن، والحديث النبوي، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، والفقه، والعقيدة، والنحو واللغة العربية، والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، والتحفيظ وأحكام التلاوة.
وبعد ثلاث سنوات من الدراسة يتخرج الطالب وقد حصل أصول هذه العلوم.
وقد يسأل سائل، فيقول: ما فائدة هذا المعهد مع وجود كلية العلوم الإسلامية التي تدرس هذه العلوم وتُخرِّج طلبة مختصين في سائر العلوم الإسلامية؟
والجواب من وجوه:

أولا: الالتحاق بكلية العلوم الإسلامية لا يتاح لجميع الراغبين في دراسة العلوم الإسلامية، فأردنا أن نتيح هذه الفرصة لمن لم يمكنهم الالتحاق بالدراسة النظامية.

ثانيا: عندنا طلاب في تخصصات أخرى، وكانوا يتمنون الجمع بين تخصصاتهم ودراسة علوم دينهم، فحقق لهم المعهد هذه الأمنية، وقد التحق بالمعهد في السنة الماضية طلبة من تخصصات عديدة؛ فبالإضافة إلى تخصصات العلوم الإسلامية، يوجد عندنا طلبة من تخصصات أخرى؛ مثل الطب، والهندسة المدنية، والرياضيات، والإعلام الآلي، والهندسة الصناعية، والوقاية والأمن الصناعي، وعلوم المادة، والعلوم والتكنولوجيا، والبيولوجيا، والإعلام والاتصال، والحقوق، والذكاء الاصطناعي، والطاقات المتجددة.
ومع وجود هذه الكوكبة من الطلبة، يوجد أيضا في المعهد عمال ومن بينهم طبيب، ويوجد أيضا متقاعدون.
ولا شك أن هذه التخصصات المختلفة تجعل المعهد يزخر بتنوع كبير، وثراء قلّ أن يوجد في مجتمع آخر.

ثالثا: يقوم على التدريس في المعهد نخبة من الأساتذة والعلماء نحسبهم من خيرة ما أنجبت الجزائر العزيزة، وهم معروفون بنشاطهم العلمي سواء على مستوى الجامعة، أو في مساجد الولاية.

رابعا: وهو أمر في غاية الأهمية؛ الدراسة في معهدنا تتميز بالتركيز على المتون التي ألّفها العلماء المتخصصون في مبادئ هذه العلوم، ففي السنة الأولى يدرس الطالب المتون التالية:
في مادة النحو متن الأجرومية، وفي علم أصول الفقه متن الورقات للجويني، وفي علم الفقه متن الأخضري في فقه العبادات، وفي الحديث النبوي الأربعون النووية، وفي السيرة النبوية متن روضة الأنوار للمباركفوري، وفي علم العقيدة متن العقائد الإسلامية لابن باديس، وفي علم المصطلح متني البيقونية ونخبة الفكر لابن حجر، وهكذا سينتقل الطلبة في السنتين الثانية والثالثة إلى متون أخرى.
وهذه الطريقة هي التي كان العلماء الأوائل يسلكونها مع طلبتهم، وأنتجت علماء كبارا متمكنين ومؤصلين في العلوم الشرعية.
بالإضافة إلى أن المعهد يعتمد على نظام رديف يكمّل نظام التعليم المستمر؛ وهو نظام الدورات مع الإجازة؛ وقمنا في السنة الأولى بعدة دورات، منها:
دورات قراءة مع الإجازة في المتون التالية: متن الأخضري في فقه العبادات، ومتن البيقونية في مصطلح الحديث، ومتن مقاصد الصوم للعز بن عبد السلام، ومتن فضائل بيت المقدس لابن الجوزي، ومتن فضل عشر ذي الحجة لابن أبي الدنيا، وأخذ الطلبة الذين حضروا الدورات إجازات.
وكذلك دورة في شرح متن دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها لابن باديس.
وبهذه المناسبة نوصي طلبتنا بالجد في الطلب والمواظبة على الحضور، حتى ينتفعوا من أساتذتهم، الذين يبذلون جهودا كبيرة لإفادتهم.
ونوجه الشكر الجزيل للأساتذة الأفاضل الذين تطوعوا وأعطوا المعهد وطلبته من أوقاتهم النفيسة، فنسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء.
والمعهد تقوم عليه إدارة تسير شؤونه، وله لجنة علمية أيضا تقوم بدراسة المواضيع العلمية، والإفادة في الجوانب العلمية بأي مقترح يرونه مناسبا.
هذا الفكرة تقريبا هي التي يقوم عليها المعهد في الشعبة الولائية باتنة
والحمد لله أكمل المعهد سنته الأولى، وفتحنا التسجيل للدفعة الثانية؛ فنسأل الله تعالى التوفيق لإكمال باقي المسار.
نسأل الله أن يجعل هذه الجهود في ميزان حسنات القائمين على هذا المعهد، ونسأله سبحانه الإخلاص والتوفيق والسداد بما فيه خير البلاد والعباد.

* مدير معهد عمر دردور للعلوم الشرعية التابع للشعبة الولائية باتنة
أستاذ بكلية العلوم الإسلامية جامعة باتنة 1

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com