شعاع

حافظون وحافظات نعم …ولكن ينبغي التفكير في المستقبل

يكتبه: حسن خليفة/

نشهد جميعا هذه النهضة القرآنية الطيبة الكريمة، المتمثلة في تتابع أفواج الحافظين والحافظات لكتاب الله تعالى، في أنحاء متفرقة من وطننا، وأكثر ما يكون ذلك في نهاية العام الدراسي -التربوي الذي ينتهي بالعطل.
عادة ما تشهد المدارس والمؤسسات والهيئات، قبل نهاية العام ، حفلات تكريم للحافظين والحافظات، تحفيزا وتقديرا لهم، وفي ذلك ما فيه من الدعم المعنوي والمادي، فهو يشجعهم (ويشجّعُهن)… ويقوّيهم ويعينهم على المسؤولية الملقاة على عواتقهم وعواتقهن؛ باعتدادهم من حفظة كتاب الله تعالى وهي نعمة قل مثيلها.
ولكن السؤال ..ماذا بعد حفظهم وحفظهن للقرآن الكريم؟
يتعلق الأمر هنا بآلاف مؤلفة ممّن اجتهدوا واجتهدن في حفظ كتاب الله تعالى وحققوا ذلك بتيسير الله عز وجل .. لكن ماذا بعد ذلك؟
ماذا عن مسارهم العلمي والمهني والحياتي، وأخص بالذكر هنا من كانت مسيرتهم قرآنية خالصة، انخرطوا في حفظ القرآن الكريم منذ صغرهم فحفظوه وأتقنوا حفظه.
ماذا عن حياتهم، عن تأهيلهم وإعدادهم للحياة أصلا؟ ماذا عن عملهم؟ عن زواجهم؟
عن انخراطهم في الحياة كبشر لديهم مطالبهم واحتياجاتهم وآمالهم وأمانيهم وطموحاتهم.
بل وماذا عن تجويد وتطوير ما لديهم من القرآن الكريم ..كالفهم، والتدبر، والتفسير؟ وماذا عن المعارف الضرورية الأخرى من العلوم الشرعية والكونية؟
وإذا أردنا رفع السقف ماذا عنهم كقرّاء رساليين ومعلمي ومعلمات قرآن ربانيين
هاهنا يجدر بنا ان نفكر بشكل جدي وجاد ومنهجي في «مخرجات» هذه الأعمال الطيبة الكريمة المتعلقة بحفظ القرآن الكريم؟ للبنين والبنات…
ماالذي يجب علينا كمجتمع، كنخبة، كمسيرين، كهيئات وجمعيات ..ما الواجب علينا تجاه هؤلاء من الحافظين والحافظات..
هنا قد تتنوع الرؤى وتتباين الأفكار وتتعدد المناظير ولكن لا بد من حلول حقيقية لهؤلاء:
ـ لا بد لهم من مسارواضح تفتح لهم أبوابه بمجرد تشريفهم بحفظ القرآن الكريم
فيجدون الطريق إلى مواصلة الدراسة والتعليم سواء الديني الشرعي، ومقتضى الأمر هنا أن تكون هناك معاهد شرعية، ومعاهد لتكوين الدعاة والعلماء، أو مراكز تستقطبهم وتمنحهم مزيدا من الفرص ليرتقوا ويشقوا طريقهم نحو الأوفى والأفضل والأمثل ليكونوا إما معلمين من طراز خاص، مع ضمان عيشهم وترتيب حياتهم بما يجعلهم متفرغين لهذه المسؤولية الشريفة والصعبة والمركبة، وبما يوفّر لهم حياة طيبة كريمة، تعينهم على أداء رسالتهم (رسالتهن) على أحسن ما يكون الأداء.
والسبيل الثانية أن تُتاح لهم ولهنّ الفرص كاملة في إكمال التعليم، في حقول معرفية مختلفة أخرى، وصولا إلى الليسانس والماستر والدكتوراه، وهذا حقهم، وهذا ميسور لمن لديه حد معلوم من المعارف، أو من تابع دراسته مع اهتمامه بحفظ القرآن الكريم وتطوير نفسه بجدّ واجتهاد ودأب ومثابرة.
وبالنسبة للجمعية هناك إمكان إنشاء معاهد علمية شرعية تُعنى بهذا الأمر، تستوعب بها المئات من الحافظين والحافظات، وتيسّر لهم ولهن الطريق إلى ما هو أعلى وأحلى في أكثر من مسار: تكوين متين، وتدريب، وتعليم معارف جديدة لها صلة بالقرآن، وإعداد متخصص لأؤلئك الحافظين والحافظات، والظروف متهيأة في هذا الباب من خلال بعض المؤسسات كمقرأة الماهربالقرآن التي يسعى الإخوة فيها إلى أن تكون معهدا متكاملا، أو معهد عثمان، أو دار القرآن، أو غيرها.
والمجال الآخر أن تسعى الجمعية مع وزارة التعليم العالي لإدماج هؤلاء الحافظين في مسار تعليمي عال متخصص، ضمن بعض الكليات والمعاهد الإسلامية. وهذا أيضا متاح وممكن بالاتفاق مع المعنيين.
أردتُ الإشارة إلى هذا الموضوع لأهميته القصوى بالنسبة لهؤلاء الحافظين والحافظات ومن هم في طريق الحفظ، وأعدادهم تنمو وتعظم، والحمد لله على ذلك، لكن لا بد من التفكير في مستقبلهم بالمعنى الحقيقي لكلمة مستقبلهم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com