اتجاهات

دم هنية يوقظ الأمة

عبد العزيز كحيل/

حفظ وحدة الصف المسلم مطلب شرعي لكن ليس على حساب حيثيات الوقائع وحقائقه المؤسفة، فقد فتح استشهاد القائد إسماعيل هنية كثيرا من الأعين التي كانت لا تبصر حقيقة من يسمون أنفسهم سلفيين بل تصرّ على عدم الإبصار حفاظا على وحدة الصف، حتى صعقتهم مواقف هذه الفرقة الغريبة عن النسيج الاجتماعي الديني الجزائري، ففي حين انتفض المسلمون في كل مكان مفجوعين بموت القائد الرمز رددت هذه الطائفة بصوت مرتفع شعارها الآثم «مستراح منه»، والحقيقة أن هذا ليس بدعا من فعلها، فقد قال أتباعها وشيوخهم هذا وصرحوا به وكتبوه وأعلنوه في المنابر أكثر من مرة: عند وفاة الشيخ جعفر أولفقي (أبو عبد السلام) المحبوب لدى الجزائريين، وعند وفاة الشيخ آيت علجت، وعند وفاة الشيخ القرضاوي…لكنهم لم يقولوا هذا أبدا عند موت أي صهيوني على يد المقاومة الفلسطينية…هؤلاء الذين اصطلح على تسميتهم «مداخلة» نسبة إلى شيخهم ربيع المدخلي هم في الحقيقة متحور وهابي أي أن المدخلية هي البنت الطبيعية للوهابية، زادت عليها غلوا وتطرفا وشذوذا، وقد اكتشف الرأي العام أن من كان يُطلق عليهم «الجالية السعودية في الجزائر» هم في الحقيقة جالية صهيونية، تصطف صراحة مع الخطط الأمريكية الصهيونية، وتتبرأ من المقاومة والجهاد وطوفان الأقصى، فهل بعد هذا المنكر منكر؟ يتفكهون بما يصيب إخواننا في غزة وبقادة المقاومة ويسوّقون الأراجيف في حقهم كنسبة حماس إلى التشيع وهم يعلمون أن الأنظمة العربية المتصهينة هي التي ألجأت المقاومة إلى الاستعانة بإيران، ونسوا أن المدخلي هو صاحب الفتوى الشهيرة في جواز الاستعانة بالكفار لمقاتلة…العراق!!!
فما العمل؟ الوقت تجاوز المجاملات وإمساك العصا من الوسك وغض الطرف عن الحقائق الميدانية: هذه الفرقة التي تطعن في مرجعية الجزائريين التاريخية يجب مواجهتها بحزم من خلال مستويين من التحرك، فمن جهة يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها، لذلك أدعو إلى حملة شعبية قوية لتقوم السلطات المعنية باسترجاع المساجد من المداخلة بعد أن تأكد أنهم خطر على الإسلام وعلى المجتمع وعلى المرجعية الوطنية، احتلوا المنابر لتمرير خطاب ديني انهزامي متطرف لاإنساني باسم شعارات هلامية مثل السلف الصالح والفرقة الناجية والولاء لما يسمونه دولة التوحيد، من جهة أخرى على الأمة أن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية وتتحرك لحماية الأبناء من وباء هذه الطائفة، فهي تستدرج المبتدئين وأصحاب التسرب المدرسي وضعاف النفوس تحت ذريعة العقيدة الصحيحة والسنة النبوية لتلقنهم مادة غريبة عنا وتربيهم على سوء الخلق وقلة الأدب والطعن في علماء الأمة والانتقاص من كل داعية ومصلح وإمام ، ترمي الجميع بالبدعة بل تكفرهم، وتزدري الفقه المالكي ولا تقيم له وزنا، وتعدّ الأشاعرة فرقة خارجة عن أهل السنة والجماعة، وتعتبر التصوف (مهما كان سنيا نقيا عاملا مجاهدا مشهودا له بالصلاح) ضلالا…فإلى متى نسكت؟ يجب تحصين أبنائنا منها، وحماية أئمتنا من سهامها المسمومة، واسترجاع مساجدنا منها بعد أن عاثت فيها فسادا، فهي تفسد ولا تصلح، وتفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني، وتعسر ولا تيسر، وتنفر ولا تبشر… وهو ما يمكن لأي أحد أن يلمسه من شيوخها وأتباعها الذين تربوا على إغلاق العقل وقسوة القلب فأصبحوا أشبه بآلة صماء لا تصلح إلا للتدمير، لم ينج منهم عالم ولا مجاهد ولا حتى آباؤهم وامهاتهم ومعلموهم …هذه هي الحقيقة التي لا يجوز التمادي في التهوين منها…والملاحظ أنه بعد النقمة الشعبية العارمة عليهم بعد استشهاد القائد إسماعيل جاءتهم الأوامر – هذا ما تأكدنا منه – بتغيير اللهجة، لذلك أقول: احذروا المداخلة، لا تصدقوهم، بعد قيام الأمة كلها في وجوههم يتظاهرون هذه الأيام بالتراجع عن مواقفهم المخزية، إنهم يعملون بالتقية مثل الشيعة، لا تصلوا خلف شيوخهم المعروفين برفض المرجعية الدينية للجزائريين، لا تسمعوا دروسهم، لا تتركوا أبناءكم بين أيديهم فيضلوهم، قوموا في وجوههم بكل حزم حتى تتطهر مساجدنا منهم، طالبوا الوزارة بتنحيتهم لأنهم يخالفون مرجعيتنا جملة وتفصيلا ويتسببون في فتنة الناس وتنفيرهم من المساجد بل من الدين ذاته…فلعلّ دم القائد الشهيد يوقظ الأمة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com