بحضور رئيس الجمعية ونوّابـه: المؤتمر الطبي الثالث للمنبر الطبي في سطيف.. قيمة عليا مضافة للجمعية
تغطية أ. حسن خليفة/
على مدار يومين كاملين شهدت قاعة الدوم (بارك مول – سطيف) أشغال المؤتمر الطبي الدولي الثالث الذي حمل عنوانا كبيرا وشعارا معبرا «متحدون ضد التدخين»، وقد حضرت أشغاله قيادة الجمعية ممثلة في رئيس الجمعية الأستاذ الدكتور عبد المجيد بيرم ونوابه الثلاثة الشيوخ: عبد الحليم قابة، آيت سالم بن يونس، حيرش بن عودة، وبحضور عدد آخر من أعضاء المكتب الوطني.
شهد هذا المؤتمر العلمي الكبير حضور أطباء وطبيبات، وطلبة الطب من اختصاصات متعددة، وخبراء، ومشرفين على مراكز علمية – طبية، من كثير من ولايات الوطن؛ خاصة الشرقية منها، إضافة إلى عدد من الدكاترة والمختصين من فرنسا.
وقد وُفق المشرفون والقائمون على المؤتمر في حسن التسيير والإدارة أيما توفيق، وهومما أشاد به عدد من المحاضرين الذين شاركوا في الجلسات العلمية الستّ، يومي الجمعة 31ماي والسبت 1جوان، في جو علمي رائق، وبمشاركة قياسية ؛حيث تجاوز المسجّلون أكثر من 550مشاركاومشاركة.
طروح علمية رصينة بالأرقام والإحصائيات، وعروض ميدانية مبنية على دراسات علمية ميدانية عن مدى انتشار «التدخين» في الوسط المجتمعي الجزائري، في مختلف الفئات: الرجال، الشبان، الأطفال، النساء …أرقام مخيفة ومرعبة، وأعداد المعطوبين(المعطوبين)/المصابين والمرضى في تزايد رهيب كما أشار إلى ذلك عدد من المدخلين والمتدخلات، دون أن ننسى ذكر المتوفين (من مختلف الأعمار) كنتيجة مباشرة من نتائج هذه الآفة القاتلة.
نعم.. الآفة القاتلة… فالتدخين بالفعل، كما برهن على ذلك المتدخلون في محاضرات علمية قوية، قدّمت بشكل علمي ومنهجي بديع، على ششة كبيرة في القاعة، من خلال الاحصائيات والأرقام والجداول، واللوحات التوضيحية (شرائح – سلايدات)
وهذه واحدة من الميزات الكثيرة في هذا المؤتمر العلمي الرفيع المستوى.
إن ما ينبغي تسجيله هنا كخلاصة من الخلاصات المفيدة للمؤتمر أن هذا القاتل «التدخين» بمختلف أنواعه، ووسائله: السجائر العادية، السجائر الإلكترونية، السجائر لايت (كما يسميها البعض)، الشيشة التي دخلت بقوة على مجتمعنا الجزائري الذي لم يكن يعرفها قبل عشر سنوات.
إن هذا القاتل الكبير يزحف على ثروتنا البشرية ويأخذ فلذات الأكباد إلى القبور، أو إلى المصحات، والمشافي …إنه خطر داهم نبّه أغلب المحاضرين على وجوب إيجاد حلول حقيقية له قبل أن يجعل المجتمع كله في حالة «إعاقة»دائمة… وحينئذ لاينفع الندم ومن الوسائل التي طالبوا بها في عمل تعاوني متين:
1ـ العمل التوعوي المكثف والمنهجي لبيان مخاطر التدخين وأضراره الجسيمة (ماليا، صحيا، عقليا، أسريا إلخ )
2ـ الجانب الديني من خلال عمل السادة الأئمة والدعاة والخبراء بوسائل عصرية مؤثرة في المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية وسائر الفضاءات.
3ـ العمل التشريعي القانوني، وذلك بإنفاذ القوانين والتشريعات التي أصدرتها الجزائر، والتي وافقت عليها في المجال الدولي مما يخص الصحة العامة، والمحافظة على فئات الشباب والأطفال .
4ـ الجانب التربوي/ التعليمي التكويني، ويتمثل في وجوب الحرص على خلوّ المؤسسات التربوية بمختلف أطوارها، ومنها المتوسطات والثانويات والجامعات، ومعاهد التكوين المهني ومؤسسات التكوين الآخرى.. الحرص على خلوّها خلوّا تاما من هذه الآفة الخطيرة، والقيام بما يجب لمنعها وللوقاية منها وإبراز نتائجها الخطيرة على صحة الإنسان.
5ـ الجانب الطبي والصحي، ويمثل هذا المؤتمر العلمي الباذخ نموذجا رائعا للعمل على طريق محاربة التدخين وكل مايتعلق به من أنواع الإدمانات ذات الصلة بالأخطار التي تحيط بالإنسان في صحته وعافيته البدنية والعقلية والنفسية.ويمكن استحداث الكثير من المنتديات والفضاءات والأساليب التي يقدم فيها الأطباء والطبيبات خبراتهم وجهودهم في سبيل الحدّ من هذا الخطر.
6ـ ولا ريب أن هناك الكثير من الوسائل والأساليب الأخرى التي يمكن القيام بها في التحسيس، والوقاية، ثم العلاج.
وقد أكد بعض المتدخلين الذين كانت لهم تجارب في مجال محاربة التدخين على إمكان إحراز النجاح ولو بشكل نسبي من خلال طرق وأساليب بيداغوجية يعتمدونها مع المرضى.
7ـ من الواجب أن نؤكد هنا على أن الجميع حريص على أن يكون هناك خطط تشترك فيها كل مكونات المجتمع والدولة من أجل محاربة هذه الآفة، والعمل على الاستفادة من مختلف التجارب، في مختلف المجتمعات والدول… لأنّ مشكلة التدخين في النهاية مشكلة عالمية – إنسانية واسعة وعميقة، لها جوانب سياسية (حرص مصنعي التبغ وشرههم على تعزيز وجودهم في مختلف المجتمعات، والمعلومات في هذا المجال خطيرة ورهيبة بالفعل، لا يختلف الأمر هنا عن المخدرات وترويجها وتحوّلها إلى تجارة عالمية مربحة رهيبة، على ما تخلفه من فساد للنسل وإفساد للأرض والحياة والإنسان.
إنّ مجمل الأرقام والإحصاءات التي سجلتها محاضرات المتدخلين تؤكد أن الوضع في غاية الخطورة، ولا بد من عمل كبير في مجال محاربة هذه الآفة .وها هنا نريد أن نؤكد على أمريتعلق بالجمعية في نهجها الإصلاحي الوطني الشامل والإيجابي، وسنشير إلى ذلك في مكان آخر في عمود خاص.
ولكن مالا ينبغي أن نسهو ّ عنه هو الإشارة إلى عمل «المنبر الطبي» الذي تأسس قبل سنوات قليلة، واستطاع في هذه الفترة القصيرة أن يقدم خدمات علمية مرموقة من خلال مؤتمراته الدولية الممتازة الجيدة الإخراج والإدارة والتي تجمع في كل سنة مئات من الأطباء والطبيبات وأهل الاختصاص بصفة عامة.
وللتذكير فإن المنبر قدم خلال السنوات الثلاث الماضيات، في مجال الملتقيات العلمية الدولية:
-ـ كان موضوع «كوفيد» هو محور الملتقى الدولي الأول قبل ثلاث سنوات -ـ الموضوع الثاني في طبعة السنة الماضية كان عن «السّمنة وأخطارها»وشهد أيضا حضورا رائعا لفئات من الأطباء والطبيبات والمختصين وخرج بنتائج رائعة قدمت إلى المصالح المختصة في وزارة الصحة وغيرها.
موضوع هذا العام الذي اختار المنظمون له موضوع وشعار: «متحدون ضدّ التدخين» ولمعرفة النجاح الذي حققه ، يكفي أن يتابع المهتمّ (أيا كان اختصاصه) الجلسات العلمية، والورشات، وكلمات التقدير والشكر التي يبديها الحضور، من مختلف الجهات، كما تكفي صور القاعة الممتلئة عن آخرها بالمختصين والمهتمين والمشتغلين بالمجالين الطبي والصحي (أساتذة جامعات، أطباء مرموقون وطبيبات، خبراء ومشرفون على مراكز علمية كبيرة، وغيرهم من أهل العلم والخبرة.
يكفي المنبر الطبي فخرا أن جمع هؤلاء -رجالا ونساء – وهيأ لهم هذه الفرصة العلمية النفيسة ليقدموا عصارات فكرهم العلمي خدمة للمجتمع الجزائري، ويكفي الجمعية أنها منخرطة في نهج الإصلاح الإيجابي العلمي القويم …بارك الله في القائمين على هذا الفضاء العلمي وبارك جهودهم الرائعة.
في الأخير لا بد أن نذكّر بالمبادرة الرائعة التي تمت في المؤتمر وهي إسناد «وسام التميز « للطواقم الطبية في غزة العزة، نظير جهودهم العظيمة،وصمودهم،ومقاومتهم الباسلة، رغم الاجرام الصهيوني الذي لم يتوقف، ولم يستثن المشافي والمصحات، والعيادات، والأطباء والطبيبات الخ… كانت لفتة جيدة من منظمي المؤتمر،وقد تلقّاها الحضور الذين زاد عددهم على الـ500 بترحاب كبير وتقدير عال لإخوتنا وأخواتنا من الطواقم الطبية في مختلف أنحاء غزة .وقد تسلم درع الوسام طلبة الطب من الفلسطينيين الذين يتابعون دراساتهم في الجامعة الجزائرية.