كلمة حق

ما يزال ترامب يعتدي على المسلمين؟/ عمار طالبي

يبدو بوضوح أن رئيس “الولايات المتحدة الأمريكية” خاضع خضوعا تاما للصهاينة والمسيحيين المتطرفين المتصهينين، وينفذ كل ما يرغبون، ولا يراعي مشاعر المسلمين في العالم ولا حقوقهم الثابتة، فجعل نفسه شرطيا في العالم يقرر ما يشاء، فأصدر قرارا بأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ويقدم هذا الأسبوع على نقل سفارته إلى القدس ظلما وعدوانا، كأن القدس ملك له يتصرف فيه كما يريد، ويمنحه لمن يشاء، محتقرا لما يقرب من مليارين من المسلمين في العالم، فلا يقيم لهم وزنا، على خلاف كل من سبقه من الرؤساء الأمريكيين الذين يدركون عواقب ذلك كله.

ويظهر أن الرجل لا يهمه إلا الحصول على الأموال، وأن أمريكا أولا في العدوان على الدول، و شن الحروب، والتهديد وشتم الأفارقة.

إنه لم يقرأ العالم الإسلامي وعواقب هذا العدوان على القدس الذي لا يمكن لأي مسلم أن يفرط فيه طال الزمان أو قصر، وليعلم أن عمله هذا العدواني لا يجعل الأمة الإسلامية وشبابها يسكت ويكف عن المقاومة وتحرير فلسطين بكل الوسائل الممكنة، وليعلم ترامب أن المسلمين لا يبقون في هذا التخلف والتبعية إلى الأبد، كما أن الإمبراطورية الأمريكية ما كان لها أن تدوم سطوتها ومظالمها، ونحن نعتقد أنها بدأت جرثومة مرضها وانحطاطها، وأول ذلك أن يكون لها رئيس مثل هذا الرئيس الذي يؤدي بها إلى سبيل الانهيار؛ كما انهارت الإمبراطوريات من قبلها بسبب حروبها ومظالمها، كما انهارت الإمبراطورية الرومانية واليونانية وغيرها. إن الأمم لا تحيا بالاقتصاد والسعي للربح والرفاهية إذا فقدت قيمها وأخلاقها وضمائرها، وبدا لها أن القوة فوق الحق، وكما قال ابن خلدون: “إن من فقد دينه وخلقه فقد نسخت إنسانيته”.

وما انسحابه من الاتفاق النووي الذي وافقت عليه دولته بعد مفاوضات طويلة وشاقة، إلا دليل على عدم احترام المواثيق الدولية واتفاقياتها، وهذا خلق راسخ من خلق الصهاينة في تاريخهم القديــم والحديث.

فهل الدول الأوروبية لا تعرف مصالحها بهذا الاتفاق؟ وما الذي ضاع من مصالح الولايات المتحدة بسبب هذا الاتفاق ولم يتفطن له إلا هذا الرئيس؟

إن السبب هو حماية الكيان الصهيوني خوفا عليه، أولا من العراق ، فهدمت الولايات المتحدة دولته، وأصبحت خرابا تلعب بين خرائبه الطائفية والعرقية ومليشياتها، ورجعت إلى الوراء مائة سنة، وما تزال تخرب أفغانستان، وتسلط العقوبات على إيران التي خرجت منها منهزمة، وتريد أن تعود إليها بهيمنتها وعدوانها، وتمنعها من أي تقدم في سبيل الدفاع عن سيادتها، وخالفت حلفاءها من الغربيين جميعا.

لماذا تمنع إيران من الطاقة النووية، وهي مراقبة من الخبراء الدوليين، ووافقت على مطالب هذه الدول كلها بما في ذلك الولايات المتحدة؟!

إن خوف الكيان الصهيوني من كل تقدم عسكري وغيره يقوم في بلد مسلم جعله يعتبر ذلك تهديدا له، فقد أخذ في اغتيال العلماء في إيران وماليزيا وغيرهما من الفلسطينيين والعراقيين والإيرانيين، ويعمل ما في وسعه من جوسسة لقتل كل من يدرك منه أنه يمكن أن يتقدم في العلم والتقنية.

لماذا لا يتكلم ترامب الحريص على “السلم العالمي” عن الأسلحة النووية التي صنعتها وتصنعها دولة الصهاينة؟ لا نسمع عن ذلك كلمة واحدة وهي خطر على العالم وعلى السلم العالمي حقيقة، وما تزال تدبر المكائد، وتزرع الشر، وتحاصر الفلسطينيين، وتقتل أبناءهم وتدمر ديارهم يوميا، وهاهي اليوم تعتدي على سوريا وتدمر منشئاتها.

إن الذين يرحبون بقرار ترامب من العرب يبدو لهم أن إيران هي العدو، وأن الكيان الصهيوني صديق، وهذا خطأ فادح، وقراءة غلط يسجلها التاريخ عليهم، نحن لا نوافق على تدخل إيران في العراق وسوريا ولبنان، والمشاركة في سفك دماء المسلمين، وكان في إمكانها أن تسعى للإصلاح والتفاهم، ومنع الحرب، وهي قادرة على ذلك، ولكن تورطت وحزب الله في قتل المسلمين أمثالهم، واستعملوا شعارات مسيئة لآل البيت؛ فهل الإمام الحسين رضي الله عنه؟ وهل الإمام علي – كرم الله وجهه- يأمر بقتل المسلمين وتكفيرهم، وهو لم يكفر خصومه الذين قاتلوه من الخوارج؟

وهل يعرف حزب الله، والإيرانيون أحفاد يزيد وأنسالهم حتى ينتقموا منهم؟ وعلى فرض أنهم يعرفونهم، ألا يقرؤون قول الله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].

لا يوجد من يكره آل البيت من عــامة المسلمين ولا من يعاديهم، ولكن سلوك بعض إخواننا الشيعة الطائفي يجعل الناس لا يرضون عن هذا السلوك، وقد ذهبت سمعة حزب الله أدراج الرياح، وظهرت مذهبيته بوضوح، وهذا لا يشرفه، ويذهب بمصداقيته، وهو رأي يراه بعض قادة الشيعة أنفسهم. ألا يرشد المسلمون ويدركوا أن الإسلام يجمع بينهم في أصوله؟ وأن الخلاف الاجتهادي في الفروع وفي بعض الأشياء لا ينبغي أن يكون سببا للعداوة والتفرق والقتال؟ لماذا فهم غيرهم كالأوروبيين الذي تقاتلوا زمنا طويلا دينيا وسياسيا، ثم فهموا ورشدوا وأدركوا مصالحهم فاتحدوا وكفوا عن الحروب وأصبحوا أمة واحدة راشدة تدافع عن مصالحها كتلة واحدة؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com