تحقيق الباحث عبد الرحمان ذويب كتاب (الغصن الطري) للشيخ عبد اللطيف سلطاني.
عرض: أ / الأخضر رحموني/
عن دار المعراج بدمشق بدولة سوريا الشقيقة صدر كتاب (الغصن الطري على مختصر الشيخ عبد الرحمان الأخضري) للعالم الشيخ عبد اللطيف بن علي سلطاني، اعتنى بنشره وتحقيقه الأستاذ الباحث عبد الرحمان ذويب، الطبعة الأولى من الكتاب رأت النور في الثلاثي الثالث من سنة 2023،رغم أن محققه قدمه للطبع في أوائل سنة 2022 .وهو يقع في520 صفحة، قياس 17سم×24 سم.
تم تزيين عنوان الكتاب بأنامل الخطاط الشيخ محمد بن سعيد الشريفي، على غرار كل عناوين الكتب المطبوعة سابقا للشيخ سلطاني التي كانت مرسومة بقلمه.
صاحب الكتاب الشيخ عبد اللطيف سلطاني (1902-1984) من رجالات الحركة الإصلاحية في الجزائر في الميدان التربوي والصحفي، عرفناه داعية جريئا في خطبه على المنابر، وبدروسه الفقهية في مساجد طلبة الجامعات ،حيث كان يصدح بكلمة الحق، ويكشف عيوب المسؤولين بكل شجاعة وصراحة ،لا يخشى في قول كلمته لومة لائم، مما أدى إلى تعرضه للمضايقات في العديد من المرات ،إلى غاية وفاته.
وقد كتبت سابقا عن حياته و أعماله بالتفصيل في مقالة نشرت في جريدة -العقيدة – التي صدرت بمدينة قسنطينة، يوم كانت الكلمة الحرة مراقبة.
جاء هذا الكتاب كما يقول المحقق (وديعا مخفوض الجناح، محققا مضبوط الألفاظ، في صورة جميلة تنشرح لها نفوس الكبار، وبحلة بهية تتطلع إليه البصائر قبل الأبصار).
شمل الكتاب نص إهداء من طرف أبناء الشيخ سلطاني موجه (إلى شباب الإسلام الذين زكت نفوسهم بزكاة أصلها، وطهرت أخلاقهم بطهارة منبتها، وطاعة في التربية والسلوك، مع الاستقامة في السير على سنن عباد الله الصالحين، لما هم عليه من قوة في العقيدة).
ثم تصدير بقلم الأستاذ الأديب محمد الصالح الصديق الذي رجع بذاكرته إلى سنوات الثمانينيات من القرن الماضي للحديث عن علاقته الأخوية بالمؤلف، واهتمامه الكبير بالشباب، فهم مستقبل الوطن، وبهم انتزع حريته و واجه الحياة الراقية. ومقدمة بتوقيع الأستاذ الدكتور محند أو إيدير مشنان تحدث في مستهلها عن تاريخ المدرسة الفقهية المدنية العريقة، وما كتبه علماء الجزائر في خدمة المذهب المالكي تدريسا وتأليفا وإفتاء وقضاء، وأشار إلى أن قارئ الكتاب سيكتشف في شخصية عبد اللطيف سلطاني ملمحا آخر في سيرته ومسيرته، وهو ملمح الفقيه المدقق المحقق المتمكن الذي واصل مسيرة سلفه من العلماء الأعلام. مع تثبيت المحقق لمنظومة شعرية للشيخ محفوظ بوكراع في التنويه بالمؤلف والإشادة بأعماله.
مقدمة التحقيق ركز فيها الأستاذ عبد الرحمان ذويب على معالم المنهج الذي اختاره المؤلف في حياته حتى يكون سبيلا واضحا له في عمله الدعوي ونشاطه الإصلاحي، حيث كان ينشر العلم بالتدريس والتعليم، ويؤلف المصنفات ويسعى لطبعا وهداية الناس بها، ويحرر المقالات ويقوم بنشرها.
ومن مؤلفاته هذا الكتاب الذي يطبع لأول مرة بعد وفاته، وهو عبارة عن شرح وضعه على متن مشهور في العبادات للشيخ عبد الرحمان الأخضري، وجاء بألفاظ سهلة بسيطة يفهمها كل قارئ، استجابة لطلب بعض الشباب الذين تاقت نفوسهم لدراسة هذا المتن مختصرا.
فكان هذا الكتاب ليوافق العصر، بعيدا عن تعقيدات شراح المتون الفقهية.
وما يميزه عن غيره، ما بثه المؤلف في مقدمة الكتاب وخاتمته من نصائح جليلة، وتوجيهات وإرشادات وجيهة بعد أن خبرته الحياة وتجربته الطويلة في الحقل الدعوي منها:
– دعوته الخالصة للشباب الجزائري للعناية بتراجم علماء الجزائر والاهتمام بنشر تراثهم.
– دعوته الصريحة للتمسك بالمرجعية المالكية بالجزائر.
– نصيحته لولاة الأمور بالعناية بطبقة العلماء والاستماع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم.
– دعوته إلى عودة الطبقة المثقفة إلى أوطانها وخدمة أبناء جنسهم.
– نصيحته لشباب الصحوة الإسلامية بعدم تقليد الكتب الواردة من خارج الوطن دون معرفة مقاصدها المعرفية والعقدية.
– تحذيره للشباب من تقليد أشباه العلماء المنحرفين وعدم الاغترار بكلامهم. قسم المحقق كتابه القيم إلى قسمين، شمل القسم الأول الموسوم ب (القسم الدراسي) على ثلاثة أبواب هي:
1- التعريف بالشيخ عبد اللطيف سلطاني:
وهو مقسم إلى أحد عشر فصلا توقف فيها المحقق بالتفصيل عند:
اسم المؤلف ونسبه ومولده –أطوار نشأته – مراحل تحصيله العلمي من الكتاتيب إلى الزوايا ثم المدارس والمعاهد – نشاطه في ميدان التعليم والخطابة – عمله في الإطار الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين – مشاركته في الثورة التحريرية –محنته الأخيرة و إقامته الجبرية – وفاته و ظروف جنازته – أخلاقه وشدة تمسكه بالدين نقلا عن شهادات من عاصره من العلماء العارفين –حجاته و بعض رحلاته – مكتبته التي تم إهداء جميع محتوياتها من طرف أنجاله إلى المكتبة الوطنية سنة 2008.
2- آثار الشيخ عبد اللطيف سلطاني:
تناول فيها الأستاذ الباحث التعريف بمؤلفاته المطبوعة وهي:
المزدكية هي أصل الاشتراكية –سهام الإسلام – في سبيل العقيدة الإسلامية – مذكرات حياتي. مع جرد لمقالاته المنشورة في جريدة الشهاب للشيخ عبد الحميد بن باديس، وجريدة البصائر في سلسلتها الأولى والثانية، وجريدة الأمة للشيخ إبراهيم أبي اليقظان، ومجلة التهذيب الإسلامي الصادرة عن جمعية القيم، ومجلة الرسالة الصادرة عن وزارة الشؤون الدينية، بالإضافة إلى دروسه وخطبه و محاضراته المسجلة.
3- دراسة كتابه الغصن الطري:
قسم على ستة فصول تناولت:
– توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه -تحقيق عنوان الكتاب – ذكر سبب تأليفه وظروف تحريره – وصف النسخة المعتمدة في التحقيق.
وقبل التعمق في دراسة كتاب (الغصن الطري) توقف الأستاذ المحقق عند أربعة مطالب هي: التعريف بالشيخ عبد الرحمان الأخضري، وكذا التعريف بمؤلفاته، وخاصة كتابه المختصر الفقهي للتعريف بمضمونه وموضوعه، متطرقا إلى المنهج الذي اعتمده الشيخ سلطاني في كتابه، دون أن ينسى الباحث تقديم عرض موجز عن منهجه في تحقيق الكتاب مع خطواته.
أما القسم الثاني من الكتاب فقد خصص لتحقيق الكتاب المذكور، حيث اعتمد المحقق على نسخة مرقونة قام المؤلف برقنها في بيته في الفترة التي كان فيها تحت الإقامة الجبرية، وتم الفراغ من رقنها يوم الجمعة 06 أفريل 1984 قبل وفاته بخمسة أيام .وبها إضافات وتصحيحات وتعليقات بخط المؤلف نفسه، وعدد صفحاتها 111 صفحة، قياس 21 سم×29.7 سم.
وقد سلك المؤلف في شرحه مسلك من سبقه من الشراح في تقسيم المتون إلى فقرات كان يفرق بينها وبين الشرح في الغالب بعبارة -ثم قال –.
تناول فيها الكلام عن جملة كبيرة من أحكام العبادات التي تعرض لها كتاب (المختصر)، مستدلا على كل حكم بسرد آية من القرآن الكريم، أو بعرض حديث نبوي شريف.و قد ساير المؤلف صاحب المتن في فصول كتابه حسب أبوابه العشر المعروفة.
أما المحقق فقد قام بإعادة كتابة النص و مقابلته مع أصله في النسخة المرقونة، الإحالة على أماكن الآيات القرآنية، تخريج الأحاديث المذكورة، توثيق ما نقله المؤلف من نصوص من مراجعها الأصلية جريا على سنن فن التحقيق التعريف بالأعلام الذين تم ذكرهم في نص المخطوطة، تخريج الأبيات الشعرية مع ذكر أصحابها، ترقيم فقرات المتن، إدراج منظومة (القدسية) للشيخ الأخضري في الملحق لما لها من قيمة علمية معتمدا على نسخ نادرة تحقيقا لرغبة المؤلف، وانجازا لرغبته وهو الذي كان ينوي إدراجها في خاتمة كتابه، غير أن الأجل حال بينه وبين ذلك، وعدد أبياتها 349 بيتا.
للإشارة، فإن الأستاذ عبد الرحمان ذويب باحث مجد، مهتم بجمع وطبع ذخائر التراث الثقافي الوطني، خاصة وأنه يشتغل إطارا بالمكتبة الوطنية بالحامة.
من أعماله المطبوعة:
– الأعمال الكاملة للشيخ المهدي البوعبدلي في 08 مجلدات.
– الأعمال الكاملة للشيخ المولود بن محمد الزريبي في 02 مجلدين.
– الأعمال الكاملة الشيخ أبي العباس أحمد بن قاسم البوني في 03 مجلدات.
– إعادة طبع كتاب (شعراء الجزائر في العصر الحاضر) لمحمد الهادي السنوسي في مجلدين.
– التعريف بالشيخ أبي يعلى الزواوي و مقالاته في الإصلاح.
– مجموع مشتمل على ترجمة الشيخ الإمام محمد بن عبد الرحمان الديسي من كتب مختارة، ويليه مجموع فتاوى و رسائل.
– فهرسة الشيخ مصطفى بن أحمد بن محمد المعروف بابن الأمين الجزار الجزائري/ مروياته وأسانيده وإجازاته.
– رسالة الضب و يليها ما جاء في تكملة الضب للشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
– عقد اللؤلؤ والمرجان المستخرج من قولة (الراحمون يرحمهم الرحمان) للشيخ محمد العيد بن البشير الهاملي.