رأي

القضية الفلسطينية بأعين شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشاعر علي الزواق أنموذجا

أ. الأخضر عالب/

في الذكرى 88 على صدور جريدة البصائر وهي رابع جريدة أصدرتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في إطار نهضتها الإصلاحية والوطنية، صدرت في 27 ديسمبر 1935م، وتعد أشهر الجرائد العربية في الجزائر، فكانت بحق صوت الحركة الإصلاحية في الجزائر وإحدى وسائل بث العلم والإصلاح الديني والإصلاح الاجتماعي الوطني، ومنبرا إعلامي لكل الجزائريين في زمن الاحتلال الفرنسي من أجل الدفاع عن وطنهم ودينهم ولغتهم وتاريخهم ورفع الغبن عن هُويته الوطنية، وقد وقفت الجريدة في وجه العدو الفرنسي لإظهار التراث الجزائري وإحيائه من جهة، ومحاربة كذب وزيف وتشويه الاحتلال الفرنسي من جهة أخرى.

لقد اهتمت البصائر بالقضية الفلسطينية وبصراعها مع الكيان الصهيوني الذي زُرع في قلب الأمة العربية في أرض فلسطين التي كرمها الله بالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، وسجل الجزائريون موقفهم المساند والداعم لقضية العرب والمسلمين، دافعوا عن فلسطين بفكرهم ولسانهم وقلمهم فمنهم العلماء والمشايخ والأدباء والشعراء.
تابعت البصائر العدوان الصهيوني على فلسطين منذ بدء المجازر الصهيونية الرهيبة على غزة ونقلت مختلف المواقف الدولية من هذه الجرائم، وقد خصصت البصائر هذا العدد لإخواننا الفلسطينيين الذين يعانون هذه الأشهر الأخيرة منذ أكتوبر الماضي بسبب العدوان الصهيوني على قطاع غزة، العدو الصهيوني المدعوم بقوى الغرب فرنسا وبريطانيا وأمريكا وألما نيا وغيرها، وسط موقف عربي وإسلامي باهت ومخز.
وقف الجزائريون مع إخوانهم الفلسطينيين رغم أنهم كانوا تحت وطأة الاحتلال الغربي الفرنسي، فكانت القضية الفلسطينية أهم القضايا العادلة التي عبر الجزائريون عن مساندتها والوقوف إلى جانبها ماديا ومعنويا، وقد سجلت لنا الجرائد الجزائرية تلك المواقف القومية الداعية لنصرة فلسطين ومقدساتها الإسلامية، وقد رصعت جريدة البصائر في فترة الاحتلال الفرنسي تلك الصور الأخوية تجاه القضية الفلسطينية، فكتب الجزائريون العشرات من المقالات والقصائد الشعرية التي تدعو إلى للكفاح والجهاد لتحرير فلسطين وطرد الكيان الصهيوني، ودافعوا عن قضيتهم العربية والإسلامية وحذروا من أي تقصير أو تماطل في الذود عن فلسطين، وحذروا من أطماع الصهاينة في أراضي المسلمين.
استوقفتني وأنا أتصفح جريدة البصائر خلال الثلاثينيات قصائد شعرية لأحد شعراء جمعية العلماء وهو الشاعر المغمور علي الزواق الذي سجل موقفه الأصيل الداعم لفلسطين، حيث نَشَرت له البصائر في ديسمبر 1938م ضمن العدد 145، قصيدة بعنوان: فلسطين للعرب أسد العرين، فيقول:
جفوني تفيض بدمع غزيز   على الخد جار وحالي اضطرب
وقلبي الكئيب يكاد يطير   لأرض فلسطين أرض العرب
لأشفي غليلي وأرضي الضمير   وأسقي العدو كؤوس العطب
ثم يقول:
تعدى علينا العدو الحقير   وقد باع ذمته بالذهب
ولكن ربي عليم قدير   سميع قريب يجيب الطلب
سينصرنا وهو نعم النصير   ويقضي على من طلب واغتصب
ثم يخاطب القوم من العرب والمسلمين فيدعوهم للكفاح للذود وطرد اليهود من أرض الأجداد وذلك بتوحيد الكلمة والجهاد فيقول:
فيا قوم إن ذئاب اليهود   تعدو علينا بسلب الضياع
على أنكم أهل مجد وجود   هلموا إلى البذل بالمستطاع
محال نسلم أرض الجدود   تقسم طورا وطورا تباع
أنترك حسب اليهود يود   علينا ونحن ليوث الصراع
ونرضى بجيش العدو اللدود   يحلق في جو تلك البقاع
وتظهر وتلعب مثل القرود   ونترك إخواننا في النياع
ببذل الجهود نفك القيود  ونهزم جمع اليهود الجياع
ألا يا شباب انهضوا للنضال   ولا ترهبوا الخصم يوم الطعان
محال تطيب الحياة محال   وإخواننا في الشقا والهوان

ثم ينادي الشاعر الغيورين المخلصين قائلا:
أنادي ذو ي الغيرة المخلصين   من اشتهروا بالعطا والكرم
وأرجو الإعانة للمعوزين   من العرب أهل العلا والشمم
يعز علينا قرار ( الأمين)   زعيم البلاد و (… )الحرم
فلسطين للعرب أسد العرين  على رغم أنف الغشوم النهم
طغى المستبد على المسلمين   فشرد أبناءهم كالغنم
فلعنة ربي على المجرمين   وينتقم الله ممن ظلم
إلهي تفضل بنصر مبين   على أمة هي خير الأنام

أما القصيدة الثانية المختارة للشاعر علي الزواق، فنشرها في جريدة البصائر في جوان 1939م في عددها 169، بعنوان: على الدين والأوطان كان نضالنا، وهي قصيدة حماسية رائعة تدعو للدفاع عن عرض وشرف الأمة العربية والإسلامية، حيث دعا الشاعر العرب والمسلمين للدفاع عن الدين الإسلامي والذود عن أرض العروبة عامة وفلسطين خاصة، ورصّ الصفوف والوحدة والتكاتف لطرد الاحتلال الغربي من أرض العروبة والإسلام، كما دافع عن القدس الشريف والشام، مذكرا أن المسجد الأقصى هو ملك كل المسلمين قاطبة ولابد من الدفاع عنه.
إلى العرب الغر الأباة الكرام   ذوي الجد والإقدام أهدي سلامي
وأرجو لهم نصرا مبينا على العدا   وفتحا قريبا من إله الأنام
سألناك ياذا الطول أيد رجالهم   وبدد جموع المعتدين الطغام
وحرر رقاب المسلمين وأرضهم   من الغاصبين الجائرين اللئام
يعود إلى الإسلام سالف عزه   وينتشر العدل انتشار الغمام
وتصبح أرض القدس والشام حرة   يرف لواء النصر فوق الخيام
ويغدو (الأمين) الشهم بين رجاله   (…) عرش الملك دون احتشام
فعيشوا كراما أيها العرب وابتغوا   حياة الألى سادوا بحسن النظام
وإلا فموتوا فالنعيم أمامكم   أعدت لكم يا قوم دار السلام
فلا خير فيمن عاش في الذل قانعا   بفضلة عيش من رديء الطعام
أترضى نذل العيش والهون والشقا   فتبا لمن يرضى بذل المقدام
لقد بلغ السيل الزبى فانهضوا بنا    نزاحم فحانت ساعة الازدحام
علينا بتوحيد الجهود التي بها   سنهزم حزب البغي شر انهزام
رأوا عهد بلفور، وقد عصفت به   يد الدهر لجوا في الأذى والخصام
غدا عهد بلفور طريحا ممزقا   مدوسا بأقدام الليوث العظام
لنا القدس والشام الشريفين ملجأ   وأنف العدو المعتدي في الرغام
لنا المسجد الأقصى المبارك حوله   هو القبلة الأولى ومهد احترام
لنا يشهد التاريخ والناس أننا   ملوك الورى حراس هذا المقام
نخوض غمار الحرب صونا لمجدنا  ولم نكترث يوما بهول الحمام
على الدين والأوطان كان نضالنا   ونظفر بالأعداء عند الختام

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com