فلنحسن التعامل مع النتائج المدرسية لأبنائنا…؟
الكثير من الأسئلة التي تطرح عن النتائج المدرسية للتلميذ في مختلف مراحله المدرسية، وذلك نستدل به عن مدى اهتمام الكثير من الآباء والأمهات بالنتائج الدراسية لأبنائهم، الاهتمام الذي قد يبلغ حداً ينسيهم الاهتمام بالأبناء أنفسهم، كما لو كانت هذه النتائج ـ في نظرهم ـ أهم من الأبناء، حتى إن الابن، في مثل هذه الحالة، يشعر أن حب والديه له وعطفهما عليه مرهون بنتائجه الدراسية، مما يجعل علاقته بوالديه معرضة دائماً للاهتزاز وعدم الثبات…ويراها متوقفة على قيمة تلك النتيجة الإيجابية أو السلبية…
وشعور التلميذ الابن بالفشل والإحباط بسبب نتائجه الدراسية المتدنية قد يدفعه حتى إلى التفكير بأشياء سيئة جدا للغاية لكونه يعتبر أنه لم يعد يساوي شيئاً في نظر والديه، وأنهما لن يمنحاه الحب والعطف اللذين تعودا منحهما له، وبذلك تضطرب صورته عن ذاته. وقد يميل إلى تعذيب نفسه بأشكال مختلفة، كأن يتظاهر بالمرض، أو يفقد شهيته للطعام، أو يتكاسل في أداء واجباته المدرسية، كل ذلك ليثير اهتمام والديه به شخصياً، بدل اهتمامهما بنتائجه المدرسية، وقد يلجأ الطفل إلى مثل هذه الأساليب اللاشعورية عندما يتحول اهتمام والديه به إلى الاهتمام بمولود جديد لهما، بل قد تظهر لديه بعض الأعراض المرضية، بسبب تحول الاهتمام عنه، كالتبول اللاإرادي وإلى غير ذلك من الأمور، التي يمكن أن تطرأ عليه…
في تقديري المتواضع أرى أن للآباء والأبناء مسؤولية واحدة اتجاه النتائج السلبية أو الإيجابية، بمعنى أن الأب والأم مسؤولون كل المسؤولية عن توفير الجو المناسب والملائم وقت الدراسة وطبعا وقت الفروض والامتحانات، والقيام بكل ما هو ممكن لإنجاح هذه الفترة – طبعا أتحدث عن فترة التمدرس ككل – حتى يكون بإمكان التلميذ أن يستوعب ما أخذه من علم في مدرسته ويكمله مع والديه بالمراجعة الحقة، وبضبط وقت اللعب، ووقت النوم، ووقت الأكل…
طبعا هنا لا أتكلم عن الفئة المحرومة من الأب أو من الأم، أو من كليهما، أو حالات الطلاق التي تعود سلبا على الطفل، أو الشجار الدائم…
نضيف هنا رأي المختص في علم الاجتماع، الدكتور إسماعيل صايغي الذي يشير إلى أنه:”على الآباء احترام خصوصية الطفل، وذلك حول ظاهرة هروب الأبناء من البيت، بسبب خوفهم من ردود أفعال آبائهم من نتائجهم الدراسية المتدنية، وأنه يجب على كل أب وأم أن يقتنعوا بأن هناك اختلافات كبيرة بين الأبناء، سواء في صفاتهم الجسمية أو مستوياتهم العقلية”.
وأوضح الدكتور صايغي، أن هذا الاختلاف من الظواهر التي يهتم بها علم النفس، ويعمل على إظهار الفروق الفردية منذ الطفولة للآباء “وهو ما نبرزه دوما للآباء الذين يخضعون أبناءهم لمتابعة نفسية، بسبب عدم تركيزهم الدراسي، أو إخفاقهم في التمدرس، وهم كثيرون” وأضاف:” أن الأولياء في الوقت الحالي يريدون أن يكون كل أبنائهم نوابغ ودكاترة، وبالتالي، فإن تلك المواصفات التي يضعها هؤلاء الآباء لأبنائهم ولا يتسامحون معها، وذلك مما يجعل الطفل ذو القدرات الدراسية المحدودة يلجأ للكذب على والديه، موهما إياهما بأنه تحصّل على نقاط جيدة خوفا منهما، لأنه إذا قال الحقيقة، فإن والده أو والدته سوف يعاقبانه بقسوة وعنف، و “هو هنا لا يستطيع أن يعبّر انفعاليا، ومعنى ذلك الكبت أنه يعاني من قلق داخلي يلجأ بسببه للكذب، وبالتالي فإن الوسيلة الوحيدة لتفادي عقاب الوالدين عند اطلاعهم على نتائجه المدرسية السيئة، هو الهروب من البيت، سواء للبنات أو الذكور، رغم العواقب الوخيمة التي تنجر عن ذلك”.
وعليه يضيف المختص في علم النفس، أن المسؤولية في هذا الأمر ترجع للآباء الذين يتوجب عليهم – حسبه – مساعدة الطفل على تفادي أسباب الهروب، بتقبل المستوى العقلي والدراسي للابن، وكذا سماته البارزة، واتجاهه الخلقي العام وميوله، ومرافقته بالتنسيق مع القائمين على المدرسة، دون اعتماد أي وسيلة من وسائل التخويف أو الوعيد.
بقلم أمال السائحي.ح