ليتَ! وهل ينفع شيئا ليتُ؟

أ. د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
أسقطت غزة العزة، بجهادها وصمودها الأقنعة عن كلّ الوجوه المستعارة، وأخرت القيادات المزيفة عن مواقع الزعامة والصدارة. لم يبق من الأقنعة إلا قناع أبي عبيدة الهمام، ولم يصمد من الأسلحة الفعالة إلا سلاح فدائيّي كتائب القسّام.
وهكذا ميّز الله الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، فتبين من بكى، ممن تباكى، وسجل التاريخ في ساحة الوغى من هو ذا، ومن هو ذاك؟
أظهرتَ -يا ربنا- بحكمتك وقدرتك علامات الإخلاص والإفلاس، ومقدمات الانتصار، وأعراض الانكسار.
ومن كان في شك من ذلك، فليسأل الصهاينة الجبناء الفجار، وليتحقق في ساحة الميدان، من آليات العدو المشتعلة بالنار وجثامين جنودها وضباطها المجندلين، أو الأسارى الأذلة وهم في إدبار وانكسار.
فمن علامات الهزيمة، العدوان الهمجي المتوحش على الدور، والكنائس، والمستشفيات والمساجد الغاصة بالمصلين، وأشلاء الأطفال والنساء، والعزل من الشيوخ الآمنين.
لقد تجاوزت البربرية الصهيونية، كل حدود القيم الإنسانية، وآخر ما يشهد على وحشيتهم، ما حاق بمستشفى «الشفاء» الذي لم يسلم منه لا المرضى، ولا الحوامل، ولا الأطباء ولا القوابل.
ويحدث كل هذا بمباركة الساسة الغربيين المتصهينين، وصمت كبراء العالم العربي والإسلامي المتخاذلين، وأنصار دعاة حقوق الإنسان المزيفين، وما هم بالإنسانيين.
في ظل هذا التردي، الذي أصاب الإنسانية في أقدس مبادئها، وما لحق بالقيادات العربية والإسلامية في مواطن عفتها وتبلد ضمائرها، هل يتخلى الأحرار في أمتنا وفي العالم، عن أبطال الجهاد، ورموز المقاومة والاستشهاد؟
كلا! وألف كلا! فأبطالنا من كتائب القسّام في غزة، يخوضون المعركة ضد الأعداء بكل جدارة واقتدار، وهم يكبّدون العدو في كل ساعة المزيد من الاندحار، وبكل عزة وافتخار.
على أن القوة الحية في الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم على اختلاف جنسياتهم، ودياناتهم مدعوون إلى حماية ظهور المقاتلين الشرفاء، بمدهم بكل أنواع الدعم والمساندة والوفاء.
فالعلماء -وهم صفوة المجتمع- مطالبون بالقيام بالتوعية، وتقديم السلاح والمال، والغذاء، والدواء، والغطاء والكساء، فبمثل هذا المدد، نضمن امتداد النصر، وتكبيد العدو، كسر الظهر وتعميق الكسر.
وعلى المجتمع المدني الواعي، تفعيل سلاح المقاطعة، والتصدي للتحدي بالممانعة، وتعبئة الشاحنات والبواخر، والطائرات بكل أنواع الدعم والمساندة، وكسر الحواجز وفتح المعابر إسعافا للمدنيين العزل، الذين هم في حاجة إلى الماء والغذاء، والدواء، والكساء والغطاء.
ونداء بخس، إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، أن اتقوا الله في أمتكم، وراعوا القيم الإنسانية، والمبادئ الدينية، والذمة الوطنية، ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [سورة المائدة –الآية 51].
حذار -يا كبراءنا – فإن التاريخ لا يرحم، وإن التاريخ صحائف فخلدوا فيها جميل الذكر.
واذكروا نماذج من تاريخ علمائكم، و أسلافكم من المجاهدين الأولين الذين كتبوا بدمائهم سجلات الخلود، كما يفعل أبناؤكم وإخوانكم اليوم في غزة العزة والصمود.
ومن وعى أخبار من قد مضوا أضاف أعمارا إلى عمره
لقد خط مجاهدوا المقاومة الفلسطينية في غزة، والقدس، والضفة الغربية، خطوا بالتضحية والفداء، معالم النصر، وإنها لمقدمة سليمة لتحقيق الغاية الأسلم وهي تحرير الوطن، وويل لمن يشذ عن قاعدة الجهاد من أجل التحرير، وإن النصر قد لاحت بشائره، فلا يتخلف عن الملحمة كل مواطن عاقل وكل إنسان أبيّ شريف.
فإما استشهاد ونصر، وإما خذلان وكسر، واذكروا، أنه إذا انهزمت -لا قدر الله- هذه الفئة المؤمنة المجاهدة، فلن يرفع رأس أي عربي وأي مسلم.
غير أننا قوم مسلمون نؤمن بأن النصر سيكون للحق، فتلك سنن التاريخ، وسنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
فليت قومي يعلمون!
وليتني فيها جذع أَخُــــبُّ فيها وأَضــــع
ليت! وهل ينفع شيئاً ليتُ ليت شبابا بيع فاشتريتُ