للحق صولة…/ كمال أبو سنة
حينما لا ينجح خصوم الإسلام في محاربته بالحجة والبرهان، ولا يتأتى لهم معارضة منطقه القوي، يسارعون إلى سلاح آخر – كما هو عادة ضعفاء العقول، ومرضى النفوس- هو سلاح السخرية والاستهزاء والتزوير..!
خصوم الإسلام في الجزائر من أجهل خلق الله عز وجل بحقائق الإسلام وتعاليمه، والنزر القليل الذي يعرفونه أخذوه من أفواه أو كتب الغربيين المتعصبين الذين لا يقلّون جهلا عن علمانيينا المساكين، الذين يملكون ألسنة حدادا، وأقلاما ومدادا تبث سموما وأنكادا…!
ولهذا حينما تقرأ لهم أو تسمع لقولهم تجدهم بعيدين بُعْد المشرقين عن المنطق، خاصة إذا تطرقوا إلى مسألة متعلقة بالدين الإسلامي وأهله، وكأنهم حين يخرجون من بيوتهم للحديث عن الإسلام ينزعون المنطق الصحيح مع ألبسة نومهم!
إن الاستهزاء بآيات الله وتعاليم الدين الإسلامي الذي كمّله الله عز وجل مذهب خصوم الإسلام من العلمانيين الذين يحاولون إثبات أنهم حداثيون وعصريون وعقلانيون.
والحق أنهم متخلفون وخرافيون قد أضلهم الشيطان على علم، وأزلهم فأذلهم من بعد ما عرفوا الحق، وألَّهُوا الهوى من دون الله، فباعوا آخرتهم الباقية بالدنيا الفانية، وكأن التاريخ يعيد نفسه في عصر الانترنت والذرة وغزو الفضاء، فقد سار على طريق الاستهزاء والسخرية ومقارعة الحق بالباطل قوم من الجاهلين، فماذا كانت النتيجة؟
لقد أعز الله نبيه وصفوة أتباعه من الصحابة الكرام، وأخزى أعداءه وأهلكهم واحدا تلو الآخر، فخسروا الدنيا والآخرة، والحكيم اليوم من اعتبر بغيره بالأمس. قال ابن كثير في سيرته 2/52-87:
“قال ابن إسحاق: ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل ابن هشام، فهمزوه واستهزءوا به، فغاظه ذلك، فأنزل الله تعالى في ذلك من أمرهم: ﴿وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ [الأنعام: 10].
قلت: وقال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: 34]. وقال تعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر: 95].
قال سفيان: عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال:
المستهزؤون: الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب أبو زمعة، والحارث بن عيطل (وقالوا أنه ابن الطلاطلة. كما في ابن هشام والروض)، والعاص بن وائل السهمي.
فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراه الوليد فأشار جبريل إلى أنمله، وقال: كفيته.
ثم أراه الأسود بن المطلب، فأومأ إلى عنقه، وقال: كفيته.
ثم أراه الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى رأسه، وقال: كفيته.
ثم أراه الحارث بن عيطل فأومأ إلى بطنه، وقال: كفيته.
ومر به العاص بن وائل فأومأ إلى أخمصه، وقال: كفيته.
فأما الوليد فمر برجل من خزاعة، وهو يريش نبلا له، فأصاب أنمله فقطعها.
وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح، فمات منها.
وأما الأسود بن المطلب فعمي.
وكان سبب ذلك أنه نزل تحت سمرة فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عني! قد قتلت.
فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا.
وجعل يقول: يا بني ألا تمنعون عني قد هلكت، ها هو ذا الطعن بالشوك في عيني.
فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا.
فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه.
وأما الحارث بن عيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منها.
وأما العاص بن وائل فبينما هو كذلك يوما إذ دخل في رأسه شبرقة حتى امتلأت منها فمات منها.
وقال غيره في هذا الحديث: فركب إلى الطائف على حمار فربض به على شبرقة، يعني شوكة، فدخلت في أخمص قدمه شوكة فقتلته.
رواه البيهقى بنحو من هذا السياق.
وقال ابن إسحاق: وكان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير خمسة نفر، وكانوا من ذوي أسنان وشرف في قومهم: الأسود بن المطلب أبو زمعة، دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “اللهم أعم بصره وأثكله ولده”.
والأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث ابن الطلاطلة.
وذكر أن الله تعالى أنزل فيهم: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الحجر: 94/96].
وذكر أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمر به الأسود بن المطلب، فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي.
ومر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى باطنه فمات منه حبنا.
ومر به الوليد بن المغيرة، فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعبه، كان أصابه قبل ذلك بسنين، من مروره برجل يريش نبلا له من خزاعة، فتعلق سهم بإزاره فخدشه خدشا يسيرا، فانتقض بعد ذلك فمات.
ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله، فخرج على حمار له يريد الطائف، فربض به على شبرقة، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته.
ومر به الحارث بن الطلاطل، فأشار إلى رأسه فامتحض قيحا فقتله”.
إن المعركة اليوم على أشدها بين الحق والباطل، وإن كانت للباطل جولة..! فإن للحق “صولة ودولة”، وأرجو أن تُعَلِّم مؤامرات الأعداء -من الغرب أو من الطابور الخامس في البلدان الإسلامية- أتباع محمد صلى الله عليه وسلم كيف يتركون الاشتغال بسفاسف الأمور، وينتبهون لعظائمها؛ فعوض أن يوجهوا سهامهم نحو نحور بعضهم البعض، فالأولى أن يوجهوها إلى نحور خصوم الإسلام والمسلمين، وما أكثرهم…!