كلمات الإيمان، والإسلام، والإحسان في القرآن

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الفتوى رقم:650
الســــــــــــؤال
قال السائل: لا نجد في القرآن اسم الموحدين، وكلمة التوحيد، ونجد الإيمان والمؤمنين، ونجد الأمر بالإيمان، والإسلام، وليس بالتوحيد ولا بالعقيدة، ونقرأ في كتب الفقه والأصول، كلام الكثير من العلماء يدعون إلى التوحيد؟ والعقيدة. فما هو الصحيح في الاصطلاح؟ ألا يكفي أن نقول: نحن مؤمنون؟ أم يجب أن نقول: أهل التوحيد، والعقيدة؟.
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الاسم الخاص بعباد الله العابدين الذين رضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وصدقوا بنبوة محمد خاتم النبيين، واتبعوا القرآن، وعملوا بما جاء في القرآن، هم المؤمنون، المسلمون: ويوصفون بأنهم محسنون، ومتقون، وهم: أولياء الله القانتون. ويوصفون بأنهم قانتون، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وقال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾ وورد النداء في القرآن بكلمة: الإيمان، والمؤمنين. قال السائل: ألا يكفي أن نقول: نحن مؤمنون؟ والجواب: نعم، يكفي أن نقول: نحن مؤمنون. ونقول نحن مسلمون، ومحسنون، ومتقون. ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾. فما معنى مصطلح:{كلمة التوحيد}؟ إنه: تعبير لغوي، أي: استعمال لغوي، فصار مصطلحا، لشرح حقائق الإيمان. ولبيان ما جاء في آيات القرآن، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ فهذه سورة الإخلاص، للتعبير الصادق الشامل على أن الله تعالى واحد لا شريك له، أحد ليس كمثله شيء. فنقول: كلمة التوحيد هي: كلمة الإخلاص. وهي لا إله إلا الله. ففي شهادة التوحيد للدخول في الدين، نقول: {لا إله إلا الله، محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم}. فكلمة التوحيد ليست مصطلحا جديدا لتسمية الأمة، إنما مصطلح شرح وتبيان، فالموحدون هم المؤمنون حقا، لأنهم يؤمنون ويقولون: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا يعبدون مع الله إلها آخر، عاملين بالآية الكريمة: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (سورة البقرة:163) وبالآية الكريمة:﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾(سورة النحل:51)
ففي المعجم الوسيط: {(التوحيد) الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له و(في اصطلاح أهل الحقيقة) تجريد الذات الإلهية عن كل مَا يُتَصَوَّر فِي الأفهام ويُتخيل في الأوهام والأذهان} (2/1016) ومذهب التوحيد (في الفلسفة) القول بإله واحد. لا خالق سواه، ولا معبود سواه، والتوحيد: في اللغة: الحكم بأن الشيء واحد، والعلم بأن الواحد واحد. وفي اصطلاح أهل علم الأصول: أن الله واحد أحد، ليس كمثله شيء. هو الله وحده الخالق الرازق المحي المميت، بيده ملكوت السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير. وفي قاموس الكليات:{قال عكرمة: جميع ما ذكر في القرآن من العبادة فالمراد به التّوحيد} (1/597) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: الحقيقة الكبرى في مصير الإنسان، هي: أن يكون مؤمنا، مسلما، محسنا، فإن فهم هذا وعمل بمقتضاه، كان مقيما للدين حقا، ويكفيك أن تقول: أنا مسلم. ولا يحتاج المسلم، إلى فلسفة أخرى، ولا تسميات لم تأت في القرآن. وكل مصطلح في لسان القرآن يؤدي إلى شرح وبيان حقيقة الإيمان، والإسلام، والإحسان، فالأصل بما جاء به النداء في القرآن، وليس بما هو في تعبير الناس. قال الله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(سورة يونس:62 ـ 64) فأقول للسائل: إن أهل الجنة هم أهل الإيمان، وطريق الجنة هو طريق الإيمان، والدين هو الإسلام، والمذهب والطريقة في اتباع القرآن الكريم، لا فِرق، ولا مشيخات، ولا طوائف، ولامصطلحات مفرقة، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾(سورة النساء: 115/116) كل ما جاء في القرآن فهو من الحق، وكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نعمل به بعد فهمه، وكل ما أجمع عليه علماء المسلمين، والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: والمفهوم العام للإيمان، بكل مقتضيات الإيمان، يعبر عنه بالإسلام، فالإسلام لغة الخضوع، والاستسلام، والسلم، والمسالمة، واصطلاحا: التدين الكامل بالدين الإسلامي، وعلمتم أن الإسلام هو الدين الذي شرعه الله لكل العباد، وهو دين كل الأنبياء، فالأصل أن كل مسلم مؤمن، والإسلام أعم من الايمان، لذلك فالرسل يقولون: إننا مسلمون. أما إذا كان فردا أسلم، وادعى أنه مسلم، ولم يكن مؤمنا حقا، فالتقصير منه، وليس من التعريف. ففي كتاب العين: {وأهلُ الإسلام: من يدين به} قال الله تعالى: ﴿وَلَاتَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ فيكفي أن تقول: أنا مسلم، وتثبت على الإسلام.