مقالات

الشباب عصب الحياة في الأمة

أ‌. آمنة فداني/

الشباب عصب الحياة في الأمة وقوتها الدافعة، وأداة بناء المجتمع، كما يعتبر الواجهة الأمامية في كل المجتمعات وهذا الفهم والتصور مشترك بينهم جميعا، فعالم اليوم لا يعترف إلا بالأمة القوية المنيعة تأخذ مكانها وسط هذا العالم الذي أضحى يتربص بالضعفاء لينفث فيهم سمومه يأخذ خيراتهم ولا يعنيه مصيرهم.
إن الشباب في حاجة إلى التعرف على مدلول وجوده حتى يبني كيانه على أساس من المعرفة الواعية وينظر إلى الحياة نظرة أعمق وأوسع من خلال نافذة العلم والعمل، لأنهما صنوان في بناء المجتمع ورقيه، بهما تقوم الأمة وتبني حياتها ومستقبلها، فدين الله عز وجل يعتبر السعي لطلب العلم من أعلى درجات العبادة تنير به طريقك وتنفع به أمتك وتبني به وطنك، فهذا الأخير هو المكان الذي ولدت فوق أرضه وتربيت تحت سمائه فيه أهلك وعشيرتك وأبناء أمتك، فهو جزء من كيانك تحن إليه إذا غبت عنه وتستريح جوارحك إذا عدت إليه وشعارك أتغرب ولا أنسى الوطن الذي أتيت منه، عندما تدرك هذا الشمول في الإدراك يستقيم تصورك في الانتماء إلى هذه الأرض بآلامها وآمالها.
لم يخل حدث تاريخي مهم أو حدث مفصلي في حياة الأمم وحضاراتها على مدار الزمن من هذه الفئة الهامة فئة الشباب بدءا بالرعيل الأول المتمثل في جيل الصحابة رضوان الله عليهم والذي تلا ذلك جيلا بعد جيل إلى يوم الناس هذا.
وتأمل في كتاب الله عز وجل أين ذكروا في أكثر من موضع وموطن كونهم هم المتصدرين والمبادرين قوله تعالى في سورة الأنبياء الآية 60 {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}.
كما في سورة يونس الآية 83 {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ}.
كما حدثنا عنهم في سورة الكهف الآية 13 قائلا {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} .هكذا هم الشباب محط آمال الأمة مند القدم، ولو رجعنا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا شبابا والتفافهم حوله من أسباب قوته، فقد تأثروا جميعا بشخصيته الرشيدة والحكيمة، فكانت دعوته صلى الله عليه وسلم التي التفوا حولها لاتزال جديرة يبلى الزمان ولا تبلى.
أولم يعلق الشيخان عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي رحمهما الله آمالهم وأمانيهم على هذه الفئة الصاعدة وصنعوا منها مدرسة صالحة لكل جيل في إطار تربوي إسلامي وطني سليم قائلين الأول.
(يا نشئ أنت رجائنا   وبك الصباح قد اقترب)
والثاني (يا شباب الجزائر هكذا كونوا أولا تكونوا).
إن مفهوم العلم والمعرفة في نظر رسالة الإسلام هو العلم الجامع الذي يشمل كل النواحي الحياتية فكلما ارتقى الإنسان في علمه وعمله ارتقى مجتمع الناس قال الشيخ العربي التبسي رحمة الله عليه في مجلة الشهاب 17 جوان 1926 (والعلم إن لم يفض إلى نتيجة عمل كان أخا للجهل)[مجلة 01 نوفمبر 83عدد 61].
فاطرقوا معاشر الشباب أبواب العلوم بقوة وعزم واحرصوا على تحصيله حرص البخيل على درهمه فالحرص الحرص على ما ينفع أمتنا، فما كان العلم ملكا لأمة دون أخرى.
• الشباب يعني المستقبل، ومستقبل أي أمة دونهم يعتبر منعدما له حاجات وعليه واجبات والعلم والمعرفة هما العنصران الأكثر أهمية في تنميتهم وهم في المجتمع بحاجة إلى مصدر قوة ومصدر قوتهم الأصلي هو عملهم وإبداعهم، فلابد من تنمية شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية عن كل فعل يقدمون عليه أو يجحمون عنه، فالحياة بدون أهداف ومرام نبيلة وسامقة لا يصبح لها أي معنى.
• المجتمع لا يكون قويا إلا بشبابه، والشباب المتسلح بالعلم والمعرفة يكون قادرا على تحديات الحاضر وغمار المستقبل وعليه أن يكون تفكيره وقاعدة عمله لابد أن أنجح وينجح معي صديقي والذي يوصل إلى النجاح الجمعي وصدق الشاعر حين قال
وما نيل المطالب بالتمني   ولكن تأخذ الدنيا غلابا.
• الوقوف بجانب الشباب وحمايتهم لضمان عدم ترويج قيم غير مرغوب فيها أو عادات سلوكية ضارة بالتنشئة الاجتماعية الصحيحة، مع تفعيل البرامج الوقائية من خلال المؤسسات التعليمية في جميع مراحلها، فتوجيه هذه الفئة للعلم والمعرفة يكون توجيها سديدا ورشيدا بالفعالية الحكيمة حتى تتسنى لها مجانبة المشكلات والعقبات التي تعترض مستقبل حياتها بارك الله في شبابنا جميعا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com