لويس ماسينيون (1883م – 1962م) والسياسة الاستعمارية البربرية في المغرب/ عبد اللطيف سيفاوي
رأينا في المقال السابق كيف ساهم رينيه باصيه في تكوين عدد من المعلمين، تمّ بعثهم إلى المغرب لتنفيذ سياسة ليوتي (أول حاكم عام للمغرب بعد احتلاله)؛ كما أوضحنا الدور الكبير الذي لعبه في مجال الدراسات البربرية، وفي مجال تحضير مشروع احتلال المغرب، والتمهيد لما سيعرف بالظهير البربري الذي أحدث ضجة كبيرة في المغرب و في العالم الإسلامي.
فبتاريخ 16 ماي 1930م يتم إصدار الظهير الذي اشتهر بعنوان “الظهير البربري”، الذي ترتب عنه ردة فعل فاقت كل التوقعات.
وهو ظهير جاء منسجما مع السياسة التي انتهجتها فرنسا بالمغرب، والتي كانت بدايتها من الناحية القانونية والتشريعية بتاريخ 11 سبتمبر 1914م بظهير أول، وكانت قائمة على تكريس وضع يكون فيه بربر المغرب خاضعين لأعرافهم بعيدا عن سلطة الشرع الإسلامي والقضاء العام للمملكة.
وبتاريخ 9 جانفي 1915م، تمّ إنشاء لجنة للدراسات البربرية بالرباط لجمع المعطيات والدراسات حول مختلف المناطق البربرية بهدف استغلالها في عملية إدارة وتنظيم القبائل، وتمّ نشرها بمجلة “الأرشيف البربري”.
وشكلت السياسة الفرنسية بمنطقة القبائل النموذج الذي على أساسه ستبنى السياسة البربرية بالمغرب و خاصة فيما يخص السياسة التعليمية.
وتجسيد هذا المخطط بدأ سنة 1923م بتكليف لويس ماسينيون بالإشراف على عملية إنشاء تلك المدارس، والتي بلغ عددها سنة 1930م عشرين مدرسة.
ولقد اعترف ماسينيون في رسالة له مؤرخة في 9 نوفمبر 1951م أنّه بتأثير من دوفوكو تشكلت عنده قناعة بإمكانية وقابلية بلاد القبائل خصوصا، والبربر عموما، للتنصير والاندماج، وخاصة في الفترة ما بين 1909م و 1913م.
وعندما تقرأ كتاب بول مارتي مغرب الغد الذي صدر سنة 1925م، فستجد أن تصوره للسياسة البربرية، يتمثل في تطبيق التجربة الجزائرية على المغرب، وخاصة عن طريق المدرسة مع الحرص على إبعاد تعليم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وهذا ما حاولت الإدارة الفرنسية تجسيده ابتداء من سنة 1923م في المغرب، وقد قام لويس ماسينيون بالدور الذي قام به ماسكري بمنطقة القبائل.
ورغم تظاهر ماسينيون بتراجعه عن قناعاته السابقة فيما يخص البربر، ولمن يعرف الدور الخطير الذي لعبه هذا المستشرق في خدمة المشروع الاستعماري، فإنّ “توبته” هاته لا يمكن تصديقها، وخاصة أنّ بعد 1930م تفطن الاستعمار أنّ سياسته البربرية أصبحت مفضوحة، وكان لزاما عليه أن يراجع طريقته في تجسيدها.