أعمال الجمعية

شعبة رأس الوادي تحيي الذكرى المزدوجة وتكرم الناجحين من طلبة المدارس القرآنية

تغطية: بن عامر/

إحياء للذكرى المزدوجة لـ 20 أوت 1955/1956 ارتأت جمعية العلماء المسلمين شعبة رأس الوادي بتاريخ 21 أوت 2023 أن تحيي الذكرى بندوة تاريخية بالمناسبة من تنشيط الدكتور: عزة الحسين أستاذ محاضر بجامعة محمد لمين دباغين سطيف 2، وبحدث تمنته كثيرًا وبذلت من أجله أقصى جهودها، فاليوم نشهد لأبنائها الأعزاء (طلبة المدارس القرآنية الناجحين في شهادتي التعليم المتوسط، وشهادة البكالوريا، وختم كتاب الله تعالى ذكورا وإناثا) وهم يحتفلون بنجاحهم وتفوقهم، فلقد حصد الطلاب ثمار جهودهم واجتهادهم طوال العام الدراسي، وحققوا نجاحًا وتفوقًا نفخر به جميعًا، فما حققوه وسام نضعه على صدورنا جميعًا، فقد قدم المعلمون والأساتذة كل ما يمكن تقديمه من أجل مساعدة الطلبة على اجتياز كل الصعوبات التي تقابلهم خلال مشوارهم الدراسي، كما عمل الأهالي على توفير الأجواء المناسبة التي تساعدهم على الاستذكار في هدوء، كما كانوا خير داعم لهم طوال عامهم الدراسي، فنجاح الطلاب المنتسبين للجمعية لم يأت في يوم وليلة، وإنما هو نتيجة أيام كثيرة اجتهد فيها الطلاب وسهروا الليالي وحفظوا كتاب الله في مدارس الجمعية المنتشرة وسط مدينة رأس الوادي، مسقط رأس العلامة البشير الإبراهيمي ــ رحمه الله وطيب ثراه ــ ولم يسمحوا لأي عقبة أن تعوقهم أثناء سيرهم في درب النجاح، متخذين نصائح الجمعية صوب أعينهم حتى حصدوا اليوم ثمار تعبهم ومجهوداتهم بالنجاح الذي كافأهم به الله سبحانه وتعالى، ولذلك حرصت شعبة رأس الوادي التابعة لجمعية العلماء المسلمين على إقامة هذا الحفل الكريم للاحتفال مع طلابها وذويهم بهذا التفوق الذي يُعد تكليلًا لمجهودات الجميع .
وأما بالنسبة للذكرى المزدوجة فيمكن القول: قد يقرأ المرء الكثير من النصوص اللطيفة، وربما تستوقفه بلاغة، أو تشده صور، أو تبهره جزالة وفصاحة، لكن على العموم النصوص البشرية غير النبوية التي تحفر لنفسها في وجدانك أخدودًا، أو تترك في نفسك أثرًا مختلفًا، تلك النصوص أحسبها قليلة، فإنّ من سنن الله التي تجري عليها الوقائع والحوادث، المسماة في القرآن بأيام الله تحتاج إلى من يستخرجها ويذكِّر الناس بها، وهي تجري على البر والفاجر والمؤمن والكافر، قال تعالى عن نبيه موسى على نبينا وعليه السلام:(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، إنما المقصود بالأيام، تلك الأزمنة التي انتصر الله تعالى فيها لأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وتحقّقت فيها العزّة لدين الله والنصر لأوليائه ولقيم الحق، وعلى هذا يكون معنى الآية: ذكّرهم بأيام انتصارات الأنبياء والمؤمنين على أولئك الظالمين المعاندين، فكل يوم حصل فيه حدثٌ مصيري في تاريخ البشرية أو تاريخ مجتمع من المجتمعات، فإن ذلك اليوم يُعدُّ من أيام الله، لما فيه من عِبَر ودروس ومواعظ يتعلّم منها الإنسان، وتتعظ منها الشعوب والمجتمعات..
وإن في تاريخ وطننا الحبيب لأياما خالدة، ترسّخت في ذاكرة هذه الأمة وافترشت قلوب أبنائها، تروي مسيرة هذا الوطن الغالي على امتداد التاريخ، إنها محطاتٌ ناصعةٌ ومنعطفاتٌ تشكّل لحظات مصيرية تؤرّخ لهذا البلد العظيم الذي ارتوت أرضه بدماء من ضحّوا بحياتهم في سبيل أن ننعم بالحرية والاستقلال، وما ذكرى يوم المجاهد إلا محطّة من أهم المحطات في تاريخ الجزائر التي تستحق كل الاهتمام والتقدير لاستلهام الأسلوب الفريد من نوعه في ثورة التحرير الجزائرية، وذلك في قهر المستحيل وجعله المؤتمر الذي تكلل بالنجاح الباهر، ممكنا!..، محطة تذكرنا كل سنة بتاريخ ثورثنا المباركة، إنها ذكرى مزدوجة، ذكرى هجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955 وذكرى مؤتمر الصومام حمل فيه الرجال المسؤولية التاريخية ليقولوا للعالم بأسره بأن الشعب الجزائري متشبث بثورته المظفرة ملتف حولها مدعّم لركائزها وصفوفها، ملبّ لنداء أول نوفمبر 1954، إنها ذكرى تحمل في طياتها وفي تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية المباركة محطّات كبيرة هزّت فرنسا الاستدمارية، وكانت تعبيرا صادقا عن قوة وإيمان الشعب الجزائري بحتمية ثورة نوفمبر وتحدّيا كبيرا لأعتى قوة استعمارية وتحسيسها بأن إرادة الشعوب لا تقهر، فالإيمان المتأصّل في نفوس الجزائريين والتضحية بالنفس في سبيل الله، هما الجانبان الأروعَ في ثورة التحرير، ثم الكبرياء الشامخ الذي ميّز الشعب الجزائري الأعزل إلا من إيمانه بحقه وثقته بنفسه، ذلك هو الذي بثّ الرعب في نفس المستعمر الجبار المتسلح بكل وسائل التدمير الجهنمية، ولذا ونحن في هذا اليوم المبارك فلا ننسى أو نتناسى فضل من أكرمنا الله وأحسن إلينا بسببه، خصوصا إذا كان ذلك المحسن قد ضحى بحياته من أجل سعادتنا وسيادتنا، وهذا ما فعله الشهداء الأبرار من أجلنا، ولسان حالهم، ولا نقول ربحنا أو خسرنا، فالربح والخسارة من مفردات قاموس التجار، أما الجهاد الذي غايته تثبيت الحقائق الإلهية في الأرض، وغرس البذور الروحية في الوجود فغلته سماوية لا تحمل معاني التراب، متسامية لا تسف إلى ما تحت السحاب، وأما المجاهدون في سبيل ذلك، فلا يعدون الربح والخسارة في أعمالهم، ولا يدخلون الوقت طال أم قصر في حسابهم.
ولكن هنيئا لمن أراد جنان الخلد عند الله، بدل خيانة الدين والوطن، وهنا أقف عند قوله تعالى:( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)، فالشهيد هو صاحب الفضل والأفضال بعد الله تعالى، ورجل مغوار ومن الثلة الأخيار، وتحصيله صعب وقريب من المحال، ولن نتمكن من مدحه ولو في مقال، وهنيئا للجزائر بمثل هؤلاء الرجال، لذلك لقبت ببلد المليون ونصف المليون شهيد .
سنتذكره وإن مضى الزمن دون كلل أو ملل، سنذكر دون انقطاع كالأمل، بفخر وفرح ومن دون وجل، فالشهيد هو من كان السبب في ابتعادنا عن كل المحن، وهو الذي تفانى في دفاعه عن هذا الوطن (الجزائر) فرفع عن نفسه الكسل ولم يعرف معنى الوهن، على الرغم مما لحقه من حزن وألم، فكان لنا في هذا اليوم أعظم مثل، فيا شباب الجزائر هكذا كونوا أولا تكونوا، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
تتقدم أسرة (من أقطابنا لبرج الغدير) بالشكر الجزيل لشعبة رأس الوادي على المجهودات المبذولة والمستمرة لفئة الشباب خاصة في التعليم القرآني، وكذا المحسنين الداعمين له.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com