هل من وازع ديني وعقلي؟/ محمد العلمي السائحي
إن المرء لتنتابه الدهشة من تصرفات بعض القادة العرب، ويعجب كل العجب من صبر شعوبهم عليهم حتى الآن…! كونها مخالفة للمعقول، ومنافية للأصول، ومناقضة لما هو متوقع ومأمول، ولا يستساغ صدورها حتى من الجاهل الجهول، ولأنها دالة كل الدلالة على استخفاف من صدرت عنهم بالعقول؛ من ذلك نرى بعضهم يصل به الحد إلى اعتقال أعيان الناس في بلده، فيبتزهم ثم يجردهم من أموالهم بحجة ضلوعهم في الفساد، ليقدمها بعد ذلك، ويقدم أضعاف أضعافها هدية سائغة للأجنبي الذي لم يجد حاجة في نفسه لشكره عليها فحسب، بل عمد إلى التلذذ والاستمتاع بإهانته على مسمع ومرأى من الناس، في حين أن بلده تراكمت عليه الديون بفعل الحرب التي يخوضها، وشبابه يعيش حالة من البطالة لا تطاق، وآخر نظّم انتخابات استبعد منها كل المرشحين القادرين على منافسته بالقوة، وجاء بأرنب من اختياره هو، ليزعم بعد ذلك فوزه فيها بنسبة 92 بالمائة. أليس في ذلك استخفافا بالعقول؟ وتجاوز لحدود كل ما هو مقبول؟
وثالث لم يجد غضاضة في تدمير بلاده، وقتل شعبه، وتشريد مواطنيه، مستعينا في ذلك بالجار القريب، والأجنبي الغريب، ثم يزعم بعد ذلك أنه جيشه العتيد، حرر البلاد، وأنقذ العباد، بطش الإرهاب أليس ذلك هو عين العجب العجاب؟
ورابع تربّع على عرش إمارة، حجمها بالكاد يمثل حيا أو حارة، دفعه مرض العظمة إلى مناهضة دول، ومعارضة شعوب، والتعاون مع بني صهيون للقضاء على كل نزعة للتغيير، أو رغبة للتحرير، مستعينا في ذلك، بما توفّر لديه من مال جزيل، ومن استقدم من جمْعٍ مُرْتزق دخيل، ظنا منه أن ذلك يجعل من إمارته النكرة المجهولة، دولة ذات قوة وسطوة مقبولة، وجزره محتلة، وأمور شعبه مختلة، أليس في هذا ما يدل على الهبال، ويشير بوضوح إلى الخبال؟
وخامس لم يجد من حل للمشاكل التي تتخبّط فيها بلاده، من اقتصاد منهار، وبطالة لا تطاق بحال، إلا الدعوة إلى مساواة المرأة في الميراث، ومنحها حق الزواج بمن خالفها في الدين، وكأن ذلك سينهض باقتصاد البلاد، أو يستحدث مناصب شغل للعباد، أمثل هذا النمط من التفكير يرجى منه خير؟
إن هذا النمط من القادة، هم بذاتهم أحوج الناس إلى قيادة، تجنبهم الخطل، وتحول بينهم وبين الزلل، لا أن يتحكّموا في البلاد، ويسوسوا العباد، لأنه لا وازع لهم من عقل يردعهم، ولا واعظ من دين يمنعهم…!