دعاءُ القنوت في صلاة الصبح والوتر

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
-الفتوى رقم:646
الســــــــــــؤال
قال السائلة: عندما نصلي في المسجد، يقنت لنا الإمام، في صلاة الصبح، وصلاة الوتر، فهل إذا صلينا في بيوتنا نقنت، وما هو حكم القنوت؟ وما هي آداب الدعاء فيه؟ ذلك، لأنني سمعت جارتي تقول: إن الإمام يطيل بنا في دعاء الوتر وذلك مخالف لآداب الدعاء.
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
من البيان المبين من كلام رب العالمين، قول الله تبارك وتعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (سورة الأعراف:55، 56)
أولا: ما هو الدعاء؟ وما معنى أننا ندعو الله تعالى؟الدعاء نداء سؤال الحاجة، أي: أن الداعي، ينادي من يرجو عنده حاجته، ولذلك يقول الداعي ربه عز وجل: اللهم. أي: يا ألله، ارحمنا، اهدنا، أعطنا، اغفر لنا، اعف عنا، ارزقنا. ومن معاني الدعاء: الصلاة، فالصلاة دعاء ومنه: قال الله عز وجل {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتكَ سَكَنٌ لَهُمْ} أَي أدع لَهُم إن دعاءك طمأنة لهم. ومن معاني الدعاء: العبادة.قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ (الأعرَاف: 194) أي: الذين تعبدون من دون الله. ومن معاني الدعاء: الدعوة إلى الله تعالى وإلى سبيله. ومن معاني الدعاء: الطلب، والرجاء، والاستنجاد، والاستغاثة. وذلك كما في قول الله تعالى:
﴿فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ﴾ (الأعرَاف: 194) يقول: ادعوهم في النّوازل الّتي تنزل بكم إن كانوا آلهة كما تقولون، فليجيبوا دعاءكم. فإن دعوتموهم فلم يجيبوكم فأنتم كاذبون، فالأوثان ليسوا آلهة.
ثانيا: الدعاء لله على ثلاثة أضرب: 1 ـ النوع الأول: توحيد الله تعالى، والثناء عليه، كقول الداعي: يا الله لا إله إلَا أنت، أو: ربنا لك الحمد. أو: الحمد لله رب العالمين. 2 ـ النوع الثاني من الدعاء: مسألة الله العفو والرّحمة وما يقرّب منه، كقول الداعي: اللّهم اغفر لنا. 3 ـ النوع الثالث: مسألته الحظّ من الدّنيا، كقول الداعي: اللهم ارزقني مالا وولدا.
ثالثا: من آداب الدعاء:
1 ـ الإخلاص، والبساطة في الدعاء، واجتناب التكلف في السجع. قال الأزهري: إِنه، صلى الله عليه وسلم، كره السّجع في الدعاء لمشاكلته كلام الكهنة، وسجعهم فيما يتكهّنونه، فأما فواصل الكلام المنظوم الّذي لا يشاكل المسجّع فهو مباح في الخُطَبِ وَالرَّسَائِلِ.
2 ـ الدعاء بما في القرآن من أدعية، أو بما في الحديث الشريف، مما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم.
3 ـ الاكتفاء بالمأثور في مناسبة الزمان والمكان.
رابعا: ما هو القنوت؟ وكيف نقنت؟
يقال في اللغة: قنت، وقنتوا لله أي أطاعوه، ومنه القنوت أي: الطاعة، وقانتون، أي: مطيعون. والقنوت: الدعاء في آخر الصبح، وآخر الوتر قائماً، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ﴾ والمشهور في معنى القنوت: هو الدعاء في صلاة الصبح، وصلاة الوتر.
خامسا: قالت السائلة: فهل إذا صلينا في بيوتنا نقنت، وما هو حكم القنوت؟ والجواب: نعم، يجوز للمسلم والمسلمة، إذا صلى الصبح، والوتر في البيت أنه يقنت، بل يستحب له، بل من السنة أن يقنت. سُئل أنس بن مالك: أقنت النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح؟ قال: [نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: «بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا] (البخاري:1001. ومسلم:677). وفي القوانين الفقهية، لابن جزي:{الْفَصْل الأول) فِي لَفظه ويختار فِي الْمَذْهَب ((اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك، ونتوكل عَلَيْك، ونخنع لَك ونخلع، ونترك من يكفرك. اللَّهُمَّ إياك نعْبد، وَلَك نصلي ونسجد، وَإِلَيْك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك الْجد، أَن عذابك بالكافرين مُلْحق) قال: وَاخْتَارَ الشَّافِعِي (اللَّهُمَّ اهدنا فِيمَن هديت وَعَافنَا فِيمَن عافيت وتولنا فِيمَن توليت وَبَارك لنا فِيمَا أَعْطَيْت وقنا شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يُقْضى عَلَيْك لَا يذل من واليت وَلَا يعز من عَادَتْ تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت) (الْفَصْل الثَّانِي) يقنت فِي الصُّبْح خلافًا لأبي حنيفَة وَيجوز قبل الرُّكُوع، وَهُوَ أفضل، وَبعده…} (القوانين الفقهية:45) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.