شعاع

عن مستقبل الجمعيــة ….أتحدث

يكتبه: حسن خليفة/

شيئا فشيئا نقترب من الموعد الكبير المهم المؤتمر (الجمعية العامة السادسة) الذي سيكون بحول الله أوائل العام القادم ـ جانفي 2024ـ ولاريب َ أن الاهتمام بهذا الموعد جزء مما ينبغي أن يستصحبه كل عضو في الجمعية، وكل محب ومناصـر لها؛ لأسباب عدّة، لعل منها:
1ـ الجمعية هي الخيمة الكبرى لكل الجزائريين والجزائريات؛
2ـ وأن كل سعي في سبيل تطويرها وتحسين أدائها يصبّ في نهر خدمة الدين والوطن؛
3ـ الجمعية مكوّن رئيس من مكوّنات المجتمع الجزائري، وقد برهنت ـ على مدار عقود ـ أنها قوة اقتراح وعمل وصلاح، لها حضور في عديد الميادين (تربية، ثقافة، فكر، إعلام، دين الخ).
4ـ الجمعية على مشارف المئوية (2031) وهـو موعد كبير، بكل المقاييس، ويستوجب ذلك تحديد ما يجب من الأهداف التي ينبغي أن تتجسد وتتحقق قبل هذا الموعد الكبير.
5ـ الجمعية كبُرت، على مدار الأعوام الماضية، وكلما كبُرت كلما كانت الحاجة أكبر وأقوى إلى مزيد العمل والاجتهاد لتأطيرأعمالها وأنشطتها وضبط برامجها وأهدافها، ومقتضى ذلك أن يعمل العاملون من أبنائها وبناتها على ضبط إيقاع «المستقبل» وتحديد دقيق للأهداف الملموسة القريبة والمتوسطـة، على الأقل.
6ـ الانخراط في المستقبل هو أوجب واجبات أعضاء الجمعية ومحبيها ومناصريها؛ لما يعنيه ذلك من صرف الاهتمام الكلّي إلى ما يُعلي من شأن الجمعية، ويعظّم بنيانها، ويقوّي صفوفها، ويضاعف تأثيرها، ويعزز نتائجها وثمراتها ..كلّ من موقعه وحسب اجتهاده.
7ـ هذا الانخراط في المستقبل يستوجب الاهتمام بالمشاريع الكبرى، وبالبرامج المفيدة المؤثرة، وبالخطط الاستراتيجية، والخطط التشغيليــة الواجب تجسيدها، ثم متابعتها في الميدان …
وكل ذلك يقودنا إلى بيان المقصد من «مستقبل الجمعية» ..فنقول وبالله التوفيق:
ـ إن مستقبل الجمعية هو امانة من الأمانات الكبيرة المؤكدة الواجبة الصيانة؛ ومعنى ذلك أن تأمين مستقبل الجمعية، وإيضاح خريطة وطريق عملها، بوضوح شديد، وبمنهجية علمية دقيقة هو ما يجب أن يجمعنا كأعضاء في الجمعية، وعليه ينبغي أن ينعقد العزم منّا جميعا.
وقد أشرتُ ـ شخصيا ـ إلى كثير من النقائص التي ينبغي تداركها، مما لم تستطع الجمعية في عهدها الحاضر تجسيده وتحقيقه كأهداف كانت مسطّرة،في عديد الميادين والحقول (الإعلام،الدعوة، الفُتيا، التنظيم، التكوين والتدريب، الإغاثة والعمل الخيري، التربية الخ …).
فمن الواجب علينا جميعا أن نجتهد في تأمين مستقبل الجمعية من خلال برامج واضحة المعالم في عدد من الميادين الحيوية المؤثرة الوازنة التي ترفع مقام الجمعية، وتجعلها رقما فاعلا في أرض الواقع، وفي تغييرالمجتمع نحو الصلاح والاستقامة والوعي.
ولعلّي أقترح في هذا الخصوص بعض الورشات التي يجب أن يتم الاشتغال عليها من الآن ويمكنُ تبنيـها من قيادة الجمعية المقبلة للعمـل عليها؛ لأنها محل إجماع تقريبا …
أـ الجانب الإعلامي وما يتصل به من الاتصال والعلاقات: أتصور أنه من الواجب فتح ورشة كبيرة متعددة الأوجه، في مجال إعلام الجمعية، استنادا إلى ماتحقق واستصحاب مالم يتحقق
ودراسة ذلك بشكل موضوعي ونزيه، والانتهاء إلى خلاصات (ثمرات) تكون توصيات واجبة التنفيذ. وربما يكون في صدارة ما يجب الاهتمام به هو إيجاد صيغة مناسبة ليكون الإعلام في الجمعية «مؤسسة متكاملة الأركان» تشتغل بنسق منظم مدروس، وفق رؤيـة علمية استشرافية تترجم أهداف البلاغ والدعوة والاتصال الفعال والتأثير الإيجابي، وإيصال صوت الجمعية وصورتها إلى المجتمع كله، بجميع فئاته وشرائحه.
ب ـ الجانب التوجيهي الإرشادي الدعوي: الدعوة (وجميع ما يتصل بها)..هي أحد أهمّ أركان قيام جمعية العلماء؛ فهي جمعية دعوية إصلاحية تربوية تهذيبية في الأساس، ومن الواجب إبراز هذا «الثقل» في الميدان، من خلال برامج وأعمال وخطط وأنشطة في مجال الدعوة والإرشاد والفتيا (وهو مسمّى اللجنة). والمتأمل في مهام ووظائف اللجنة يجد الكثير مما ينبغي القيام به، وفاء لهذا المطلب (الدعوة)، في عديد الحقول: المساجد، الجامعات، والمؤسسات التربوية، الشارع، الأسواق…وكل ميدان من ميادين الحياة في حاجة إلى الدعوة والإرشاد.
ويمكن للجمعية إذاأحسنَ رجالها القيام بهذا الواجب الشريف تعزيز حضورها الشرعي ـ الديني ـ الميداني، بالاستجابة للاحتياجات الكبيرة المطلوبة والمطروحة من المجتمع، وأقل ذلك:
1ـ إنشاء مراكز استشارات (مركز للاستماع والرد على الأسئلة والاحتياجات) وهو ميسور وسهل التجسيد بالتعاون مع مؤسسات الدولة (مصلحة البريد والاتصالات). وقد كنتُ شخصيا قدمتُ مقترحا مكتوبا معلّلا في المكتب الوطني قبل سنوات قليلة، على أن تُنشأ ثلاثة مراكز في الغرب والشرق والوسط. ولكن ….والفكرة مازالت قائمة.
2ـ إنشاء لجان صلح وتقريب ..تسهم بشكل فعّال في تخفيض التوتّرات والنزاعات في الأسروالعائلات، وما أكثر ما ينجم عنها من شرور ومعضلات وآفات وخسائر معنوية ومادية.
3ـ العمل على التأسيس لفعل دعوي فعال ومنتظم، بإيجاد صيغة للتعاون مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، يتم بموجبها تحقيق التكامل، وتجسيد الفعالية في قطاع الدعوة والتهذيب الديني الأخلاقي، فالجمعية رافد خير تعمل في ميدان واحد مع الشؤون الدينية (ومعها جمعيات أخرى كثيرة)، وينبغي أن نعليّ من مبدأ التعاون في هذا الباب نظرا للاحتياج الكبير من المجتمع لمعرفة أحكام الشريعة، ومعرفة حكم الشرع في مختلف القضايا والنوازل، علما أن المجتمع ينزف نزيفا خطيرا في هذا الباب، وللأسف فإن الجهل يبسط سلطانه على العقول والنفوس في غياب شبه تام للعمل الديني الدعوي المنظم الفعال المستجيب للاحتياجات .
وهناك حقول أخرى ذات صلة بمجال الدعوة والإرشاد والتوجيه والإصلاح يمكن أن تُدرس وتوضع لها خطط مناسبة.
ج ـ الجانب الخيري الإغاثي: والمطلب الرئيس في هذا الباب الرقي بلجنة الإغاثة الى مستوى مؤسسي محترم، جدير بما قامت وتقوم به هذه اللجنة، وقد برهنت، على مدار أعوام، وفي مناسبات مختلفة (نوازل) على أنها قمينة بالتقديروالتشجيع والتقوية والتطوير والتحسين.
من الواجب حينئذ، إن أردنا الخير للجمعية وتعظيم دورها في المجتمع، أن ينبسط النقاش حول هذه المؤسسة لتطويرها، وإعطائها ما تستحقه، فتؤهّل كمؤسسة رديفة للجمعية تقوم بدورها ووظائفها على أكمل وجه، وفق ما ترسمه قوانين الدولة، وما توجبه لوائح الجمعية وأنظمتها، ولكن بشكل أكثرمرونة وأكثر فعالية. وهناك تجاريب كثيرة هنا وهناك نجحت أيما نجاح، بعد أن عرف القائمون عليها أهمية عمل الهيئات الخيرية الإغاثية وإعطائه كامل الصلاحية للعمل المنظم المؤسس.
يُضاف إلى ذلك واجب تجميع قوى العمل الخيري كلها أو معظمها في وطننا، والجمعية مؤهلة لذلك بحكم كثير من الضوابط والشروط، وقد فعلت ذلك ونجحت فيه في عديد الولايات.
فوجب أن تكون جمعية العلماء قوة تجميع واقتراح في مجال العمل الخيري.
وللحديث بقية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com