فتاوى

الفرق بين الدين والشريعة والفقه

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/

الفتوى رقم:645

الســــــــــــؤال
قال السائل: نسمع بعض العلماء يقولون: أصول الدين لا تتغير، وأن كل الأنبياء دينهم واحد، وبعضهم يقولون: الأديان الثلاثة، فما هو الدليل على أن الدين واحد، وما هو الدليل على أن كل الأنبياء هم على ملة واحدة؟ وما هو الفرق بين الدين والشريعة والفقه؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: مفهوم الدين وحقيقته وأصوله: الدين هو النظام الذي شرعه الله تعالى ليقوم الإنسان بواجباته في هذه الدنيا، وفق تلك الأحكام التي أمر الله أن نقيمهما﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ وفق الأصول التي شرعها الله، لكل الناس، من آدم عليه الصلاة والسلام، إلى آخر ولده على هذه الأرض، ذلك ما يعرف بأصول الدين، كالإيمان، والإسلام، والإحسان، ومنها الأركان، كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والدعاء، والتسبيح، والذكر.. إلخ.. والأحكام الدينية الشرعية التطبيقية لهذه الأصول، والتي تسمى الشريعة، أن أصول الدين ثابتة، والأحكام التي فيها البيان كيف نعمل بمقتضى تلك الأصول، هي التي تسمى الشريعة، والشرعة،والتي اختلفت من رسول إلى رسول، وهي ما تعرف بالشرائع، هي: قواعد وضوابط التعامل مع تلك الأصول، كيف نصلي، كيف نزكي، كيف نصوم، ما هو الحلال، وما هو الحرام، ما هي الأوامر والنواهي، وهكذا… كيف نتعامل مع أصل الابتلاء، وذلك ما يعرف بأحكام الحلال والحرام، والزواج والطلاق، والأكل والشرب، والبيع والشراء، والعدل والقضاء،… وغير ذلك. ولكن منذ نزول القرآن صار لكل الناس شريعة واحدة، هي شريعة القرآن، لأن النبي محمدا أرسل لكل الناس. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: النصوص المؤصلة الدالة على أن الدين واحد لكل الأنبياء:
1 ـ قال الله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ.﴾ (سورة الشورى:13) ومن المرادفات لمصطلح الدين: الملة، والطاعة، والأمة، والصراط المستقيم، وسمى الله تعالى الدين:{الإسلام} وقال: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ (آل عمران:19) وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (آل عمران:85)
2 ـ من الحديث: عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ] (مسلم: 145/2365) وقلت: إن مفهوم الدين نظام شامل للحياة التعبدية في مفهوم التدين، ولذلك من أسلم ودخل هذا النظام، يقال: دخل في دين الله، ومن ارتد يقال عنه خرج منه. أو فسق، أو مرق، أو انشق. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: وللتوضيح مرة أخرى، ما هو مفهوم الشريعة؟: قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سورة الجاثية: 18) الشريعة في اللغة: المذهب والملة والطريقة والمنهاج، وكل شيء إذا اتُّبِعَ بلغ متبعوه غايتهم. ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد. قال القرطبي:{الشريعة: ما شرع الله لعباده من الدين، والجمع الشرائع. والشرائع في الدين: المذاهب التي شرعها الله لخلقه.} قال: {فمعنى: ﴿جعلناك على شريعة من الأمر﴾ أي على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق} وقال قتادة: الشريعة هي: {الأمر، والنهي، والحدود، والفرائض} ومنه بيان الحلال والحرام، والعقود، والشهود، والبيوع، والزواج والطلاق، والشعائر، والمناسك. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: مفهوم الفقه: الفقه لغة: الفهم، والعلم، والمعرفة، والوعي. ورد في كتاب في معجم العين. للخليل بن أحمد الفراهيدي البصري.توفي:790م 170ه: {العِلْم في الدّين. يقالُ: فَقُهَ الرّجل يَفْقُهُ فِقْهاً فهو فَقيهٌ. وفَقِهَ يَفْقَهُ فِقْهاً إذا فَهِمَ. وأفقهتُه: بَيَّنْتُ لهُ. والتَّفَقُّهُ: تَعَلُّمُ الفِقْهِ} والفقه اصطلاحا: عرفه أبو حنيفة بأنه {معرفة النفس مالها وما عليها} والمعرفة: تعني: إدراك الجزئيات عن دليل، وهذا تعريف عام، يشمل أحكام الإيمان، وعلم النفس، والتربية، والأخلاق، والسلوك، وأعمال العبادات، والبيع والنكاح والطلاق والحقوق والواجبات.
وعرف الشافعي {الفقه}، بأنه: {العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية} والمراد بالأدلة التفصيلية: ما جاء من التفصيل والتبيان في أحكام القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، والأدلة التفصيلية الاجتهادية كالاستحسان، وسد الذرائع. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. السلااام عليكم شيخنااااا.
    قرأت موضوع كم المتعلق بالدين والشريعة والفرق بينهما، وعلى ضوء ما فهمت، ان الدين واحد عند الله
    هل كلمة”تعدد الاديان” التي وتداولها السنة الاساتذة والدعاة مقبولة
    وهل التسليم لهذه الكلمة لا يخلو بالايمان؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com