تكريم الحفظة والحافظات ممن نجحـوا في البكالوريا بقالمة
أبو ياسين/
مما شـدّ الحضور في الحفل الختامي لمدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقالمة والذي تم يوم الأربعاء الماضي 8 محرم 1445 هجري 26 جويلية 2023 تلك الالتفاتة المتمثلة في تكريم الناجحين والناجحات في شهادة البكالوريا،والذين كان عددهم 23 متفوقا ومتفوقة .وهم من الحافظين والحافظات (مستويات مختلفة) ينتسبون جميعا إلى مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقالمة. ويقتضي المقام هنا أن نشير بعض الإشارات إلى هذا الأمر (حفظ القرآن والتفوّق الدراسي). ويصير ذلك واجبا عندمانقرأ ونسمع من يقول ويكتب متسائلا ساخرا: وما العلاقة بين حفظ القرآن الكريم وتعلّمه وبين تحقيق نتائج متميزة في المسار الدراسي؟
فنيجيب:
أولا: يجب أن يقرّ في عقولنا وقلوبنا كمسلمين أن الـقرآن الكريم أعظم كتاب للهداية، وأنه كما قال عز من قائل: «إن هذا القــرىن يهدي للــتي هي أقوم»؛ فالقرآن مفتاح نجاحنا وفلاحنا وعزنا وتفوّقنا.
ثانيا: نذكر بما تمّ من تصريحات في أوقات سابقة لمزت وطعنت في التلاميذ الحافظين؛ حيث قالت وزيرة التربية بن غبريط بصريح اللفظ، وقد تناقلت ذلك الصحف والمواقع ووسائط الاتصال الاجتماعي ..قالت «طلبة المدارس القرآنية ضعيفو المستوى» وصرّحت بما هو أكثر من ذلك، ثم اعترفت بتفوّق تلاميذ المدارس القرآنية لاحقا بشكل محتشم.
ثالثا: أثبتت الدراسات أن الطفل الذي يتلقّى القرآن مبكرا، ويتعلمه ويحفظه يكون أكثر قدرة على تحقيق التميز في مساره الدراسي، وهذا ثابت متحقق في أرض الواقع منذ سنوات.
رابعا: التعليم القرآني هو جزء من النظام التعليمي للمجتمع المسلم الذي يحرص على إعداد أجياله أحسن إعداد؛ وذلك لا يكون إلا بالاستقامة، والهداية، والصلاح، والبعد عن كل ما يفسد ويضر ..وإنما كل ذلك وغيره في القرآن الكريم.
خامسا: من يدقق في تفاصيل واقعنا الأليم يلاحظ ذلك التردّي الأخلاقي البشع، والسقوط في وهاد الشرّ والانخراط في المخدرات والمسكرات والمهلوسات ..وذلك كله يوجد فيمن لم يتعلموا القرآن الكريم، ولم يُسلكوا في هذا المسلك النبيل من التربية والتنشئة الاخلاقية القرآنية.
سادسا: من الواجب القول هنا: إن الاستثمار الأفضل والأمثل؛ حتى من الدولة إنما يكون في القرآن وبالقرآن؛ فكلما كان السعي صادقا وقويا في تعضيد وتعظيم دور القرآن وتعليم الأجيال عليه، قلّت الكلفة الاقتصادية فيما يتصل بمعالجة الانحراف والمنحرفين ونقصد بذلك النفقات الخاصة: (علاج الإدمان وبناء المراكز الخاصة، بناء المزيد من السجون وما تتطلبه من مصاريف ضخمة، الرعاية والمتابعة، علاج المشاكل الاجتماعية المختلفة في الأسر (المحاكم)، فض الاحتجاجات والاضطرابات وقطع الطرق، إصلاح وإعادة إعمار ماخربته الجماعات المنحرفة من الشباب الجانح (معارك الأحياء) ..
وقبل ذلك كلّه خفض ما يتعلق بنفقات محاربة الجريمة بكل أنواعها. فحافظ القرآن الكريم والمتعلم في المدارس القرآنية نموذج رائع للإنسان الصالح المتخلق الملتزم.
لا عذر للأصحاء فقد أُقيمت علينا الحُجة
البنت الكريمة بُشرى بومليط من ذوي الهمم، في الثانية والثلاثين من عمرها، كانت من المكرّمات في الحفل الختامي لمدارس جمعية العلماء في قالمة.
وكل من شهد الحفل كان يرنو إليها بإعجاب وتقدير، والدليل تلك التصفيقات المتكررة …
على الرغم مما تعانيه وتكابده، وعلى الرغم مما لديها من عوائق وصعوبات لكنها رفعت السقف عاليا، وبإرادتها الصلبة وعزيمتها الرائعة حققت ما أرادت وهو حفظ القرآن الكريم والسعي في ذلك بجد وهمّة ونشاط، كما يقول من درّسوها خاصة أستاذتها المباشرة بارك الله فيها.
الحقيقة تقول: إن بشرى أقامت على الأصحاء حجـة، بأنه لا عذر لهم في عدم حفظ كتاب الله تعالى، أوعلى الأقل أجزاء منه، مع الدرس والتدبر والاعتبار.
فمن الذي يمنعنا جميعا ونحن ننعم بالصحة، وبكمال الأعضاء، والقوة والقدرة، والوقت الكافي، بل وتوفّر كل الوسائل المساعدة على الحفظ (المصحف، المصحف الإلكتروني، المصحف الرقمي (السمعي)، وهناك عشرات الأنواع في هذا المجال، كماتوجد مدارس قرآنية للحفظ ولتصحيح وتجويد التلاوة، ومن أراد أن يضيف إليها المدارسة وأسباب النزول والتدبر فله ذلك ..فهذا بستان عظيم مــن الخيرات والبركات والأشفية والهدايات …
لعل هذه الطالبة المجدة المجاهدة ذات الهمة تعطينا درسا في هذا المجال، نصحح به مسارنا في الحياة، ونحقق به أمنية المسلمين الصادقين والمسلمات الصادقات، ألا وهو القرب الحميم من معين الخير كله، كتاب الله تعالى.
ملحوظة: بتيسير الله تعالى تم تكريم البنت بشرى بعمرة لها وعمرة لوالدتها من أحد الأفاضل في القاعة بارك الله فيه وجزاه الله كل خير .