قسنطينة: تدشين مسجد سيدي لخضر

تمّ يوم الثلاثاء (04/07/2023)، إعادة فتح مسجد الأخضر العريق وملحقاته، الكائن بحي الجزارين بوسط مدينة قسنطينة العتيقة، وكذا مسجد الأربعين شريف بعد ترميمهما وإعادة الاعتبار لهما بعد سنوات من الغلق بعد تعطل الأشغال.
وكان والي ولاية قسنطينة عبد الخالق صيودة قد كشف خلال الندوة الصحفية التي عقدها بهذه المناسبة، للحديث عن الحصيلة التنموية للولاية منذ تنصيبه على رأس الجهاز التنفيذي لقسنطينة خلال شهر سبتمبر من السنة الماضية، بأنه قد تقرر رسميا إعادة فتح مسجد الأربعين شريف وجامع الأخضر في إطار الاحتفالات المخلدة لعيدي الاستقلال والشباب، بعد أن تمّ غلقهما قبل عدّة سنوات بغرض ترميمهما خصيصا لاحتضان قسنطينة لاحتفالية عاصمة الثقافة العربية، غير أنّ طول مدّة غلق هذين المسجدين اللذين يعتبران من بين أهم المعالم التاريخية لمدينة العلم والعلماء أثار غضب بعض المواطنين وكذا رجالات الدين والعلم بالولاية، بعد ما طال معها انتظار سكان قسنطينة، لإعادة فتحهما، بعد توقف الأشغال في بدايتها من طرف المقاول الحائز على صفقة الإنجاز في ذلك الوقت بصيغة التراضي، قبل أن يتقدم أحد المقاولين لإتمام الأشغال التي توقفت في بدايتها، ووضع كل خبرته في أشغال ترميم المعالم الأثرية والتاريخية، لإعادة الاعتبار لهذا الصرح الديني والثقافي والتاريخي، والذي فتح للمصلين اول مرّة سنة 1743.
وقد تعرض جامع الأخضر بعد غلقه وتوقف الأشغال به على مدار عدّة سنوات للتخريب وسرقة الكثير من كنوزه التاريخية، كونه يعد واحدا من أقدم المساجد في الجزائر، ومعقل الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي صلى فيه بالناس صلاة التراويح لأول مرة، ولم يكن سنه أنذاك قد تجاوز الحادية عشر من العمر. كما ان جامع الأخضر يعتبر أحد الشواهد التاريخية الهامة بقلب مدينة قسنطينة لتواجده في حي الجزارين بالمدينة العتيقة، التي شهدت أحداثا كثيرة أهمها معركة أهل قسنطينة مع اليهود خلال سنة 1934. وبالإضافة إلى مسجدي جامع الأخضر والأربعين شريف، اللذان ظلّ سكان قسنطينة يننظرون إعادة فتحهما منذ سنوات، تم وضع حيز الخدمة بمناسبة الاحتفالات المخلدّة لعيدي الاستقلال والشباب العديد من المرافق الجديدة عبر عدد من بلديات الولاية.
نبذة تاريخية عن المسجد مسجد سيدي لخضر
مسجد سيدي الأخضر يعد من أعرق المعالم الدينية في مدينة قسنطينة، حيث يعود تاريخ بنائه إلى سنة 1743م، فترة حكم الباي العثماني «حسن بن حسين» المعروف بــ «أبو حنك» الذي حكم قسنطينة 18 عاما من عام 1736 إلى 1754م. ويقع المسجد، الذي يسمى بــ «الجامع الأخضر» بحي الجزارين قرب رحبة الصوف.
يتميز مسجد سيدي الأخضر بطرازه المعماري الذي لئن يغلب عليه الطراز المعماري للمغرب العربي، والذي يتجلى في شكله الخارجي ولونه الأبيض الطاغي وطول صومعته الواقعة بجاور مبنى المسجد، فإنه لا يخلو من طابع الطراز العثماني، الملموس في شكل المئذنة المثمنة الشكل والتي نجدها تقريبا في أغلبية المساجد التي بناها البايات العثمانيين في الإيالات المغاربية التي تولوا حكمها، علاوة على السقف والأعمدة الخشبية والجدران السميكة التي تحفظه من الحرارة صيفا والبرودة شتاء، ولعل ذلك قد ساهم في محافظة المسجد من تصدع 275 عاما بما في ذلك 132 عام من الاستعمار الفرنسي، رغم أنه شهد حادثة تاريخية سنة 1934م.
صرح علمي
إلى جانب مكانته التاريخية وارتباطه بتاريخ العثمانيين في الجزائر وتحديدا في مدينة قسنطينة، مثل مسجد سيدي الأخضر مركزا علميا وصرحا تثقيفيا وتوعويا، في مرحلة أشعت فيها جمعية العلماء المسلمين، التي شجعت على العلم لمحاربة الجهل والاستعمار، حيث يروي المؤرخون أن المسجد الأخضر كان أحد قلاع الدين والعلم التي حفظت للأمة دينها وهويتها طيلة فترة الاستعمار.
واتخذ العلامة ابن باديس من المسجد الأخضر مدرسة لتكوين النخبة التي حملت مشعل الإصلاح وأخذت بيد الأمة تعلمها دينها وتصحح عقائدها وتوحد صفوفها ضد الاستعمار، وقام بالتدريس وتفسير القرآن، بالإضافة إلى فنون من علم اللسان، لمدة 25 سنة.
ومما وثق أيضا أن عدد التلاميذ الذين يدرسون العلم الشرعي في كل من الجامع الأخضر ومسجد سيدي قموش بلغ عددهم 200 طالب كان ابن باديس يجمعهم في نهاية السنة في حفل بهيج يكرم فيه المتخرجين ويحثهم على العمل لدين الله عز وجل ويرغب من حضر الحفل من غير الطلبة على الالتحاق بركب العلم.
هيئة التحرير