حكم المتمتع والقارن الذي لم يهد ولم يصم حتى رجع
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com
الفتوى رقم:641
الســــــــــــؤال
قال السائل: حججت متمتعا ومعي زوجتي، ويوم العيد لم نجد هديا، لأن ما كان معنا من المال ضاع، وسألت فقيل لنا أن نصوم عشرة أيام، ولم نصم حتى رجعنا إلى بلدنا، فسمعت أمام المسجد يقول: من لم يجد الهدي يصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى موطنه. فلما صلينا سألته فقال لي ترسل أنت وزجك بالهدي إلى مكة. وسؤالي: أيكفينا أن نصوم العشرة أيام؟ أم يجب علينا الهدي في مكة؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: يجب الهدي في الحج على المتمتع والقارن، ولا يجب على المفرد: حيث الأنساك في أداء الحج ثلاثة: الإفراد، والقران، والتمتع. فمن حج البيت متمتعا كما هو حال السائل، وزوجه، أن يهدي كل واحد منهما هديا يوم العيد، أو يُنِيب عنه من يذبحه يوم العيد عنه وعن زوجه، فمن ضاع ماله كحال السائل، أو لم يجد لفقر، فليصم ثلاثة أيام في الحج، ويجوز صيام الثلاثة أيام، أيام التشريق، وسبعة أيام إذا رجع إلى بلده. وللتذكير فلا يجوز صوم يوم العيد. ومن وقع له كحال السائل مع زوجته، لم يهديا، ولم يصوما، حتى رجعا، فإن لم يجدا ما يشتريا به الهدي ويذبحانه بمكة، يصومان عشرة أيام، كل واحد منهما يصوم عشرة أيام، ويكفيهما ذلك، والحمد لله رب العالمين. وإن كانا غنيين في بلدهما، أرى أن يعملا بالأصل وهو الهدي، ويذبح بمكة، فيرسل السائل مع أمين من يذبح عنه، وعن زوجته بمكة. وفي كل الأحوال من كان غير مستطيع على الهدي في الحج، ووجب عليه الصوم، فيقضي ما عليه من الصوم. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: المتمتع أو القارن إذا وجد الهدي قبل بداية الصوم، وجب عليه الهدي، وإذا لم يجد حتى قضى ما عليه من الصوم، فلا هدي عليه، ولو وجده بعد ذلك: قال الله تعالى:
﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾(سورة البقرة: 196).
وأن ما استيسر من الهدي هو شاة، أو ناقة، أو بقر، أو سبع ناقة، أو سبع بقرة. وأن هذه الكفارة على الترتيب، وأن من لم يجد الهدي فعليه الصيام، وقال مالك: إذا شرع في الصوم فقد انتقل واجبه إلى الصوم، وإن وجد الهدي في أثناء الصوم.
وقال أبو حنيفة: إن وجد الهدي في صوم الثلاثة الأيام لزمه، وإن وجده في صوم السبعة لم يلزمه.
قال ابن رشد في بداية المجتهد:{وأجمعوا على أنه إذا صام ثلاثة الأيام في العشر الأول من ذي الحجة أنه قد أتى بها في محلها؛ لقوله سبحانه: ﴿فصيام ثلاثة أيام في الحج﴾ ولا خلاف أن العشر الأول من أيام الحج. واختلفوا فيمن صامها في أيام العمرة قبل أن يهل بالحج، أو صامها في أيام منى؛ فأجاز مالك صيامها في أيام منى، ومنعه أبو حنيفة، وقال: إذا فاتته الأيام الأولى وجب الهدي في ذمته. ومنعه مالك قبل الشروع في عمل الحج، وأجازه أبو حنيفة. وسبب الخلاف هل ينطبق اسم الحج على هذه الأيام المختلف فيها أم لا؟ وإن انطبق فهل من شرط الكفارة ألا تجزئ إلا بعد وقوع موجبها؟ فمن قال: لا تجزي كفارة إلا بعد وقوع موجبها – قال: لا يجزي الصوم إلا بعد الشروع في الحج، ومن قاسها على كفارة الأيمان قال: يجزئ. واتفقوا أنه إذا صام سبعة الأيام في أهله أجزأه، واختلفوا إذا صامها في الطريق؛ فقال مالك: يجزي الصوم، وقال الشافعي: لا يجزي} (2/132.خ:ص:347). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل: أيكفينا أن نصوم العشرة أيام؟ أم يجب علينا الهدي في مكة؟ وهل يجوز الأكل من الهدي؟ والجواب: يكفيكما الصيام كل واحد منكما يصوم عشرة أيام. ومن لم يصم وكان قادرا على أن يرسل من يذبح عنه الهدي بمكة، كان يكفيه عن الصيام، حيث الأصل في المستطيع أنه يهدي. لأن الله تعالى قال: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ ويجوز الأكل من الهدي، ففي الحاوي الكبير:{قال مالك: يجوز أن يأكل من جميع الدماء الواجبة إلا من دمين لا يجوز أن يأكل منهما وهما جزاء الصيد وفدية الأذى}(4/379) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.