الجامعة الجزائرية وخيار نظام LMD وإشكالية جودة التعليم
د. بن سباع صليحة */
التعليم في الجزائر أحد المستحدثات الجوهرية في إطار فلسفة نظام LMD والذي يهدف إلى تحسين نوعية تكوين الطالب وفق إدارة الجودة الشاملة من خلال مرافقته بداية من مساره التكويني إلى غاية إدماجه في سوق العمل، منذ تطبيق هذا النظام بمقتضى المرسوم التنظيمي رقم 4-371 في 21 نوفمبر 2004 في الجزائر واجه عدة عقبات وشكك الكثير في مصداقيته.
نظام LMD هو عبارة عن هيكل تنظيمي مستوحى من الدول الانجلوساكسونية طُبق في الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، انجلترا، فرنسا، بلجيكا، روسيا، ألمانيا، يحتوي على ثلاث شهادات L شهادة الليسانس و M شهادة ماستر وD شهادة الدكتوراه، جاء محاولة لحل المشاكل التي كان يتخبط فيها النظام القديم كإشكالية الرسوب ورداءة التكوين وصعوبة نظام التقييم، وتم تطبيقه بداية من سبتمبر 2004 بنوع من التسرع لأنه نظام مستورد وهنا تكمن الإشكالية، فالنماذج المستوردة هي نوع من الاستراتيجيات الخاطئة، فلا يكفي أن نساير العصر بل كيف نتفاعل معه ونؤثر فيه ونُكِون جيلا فاعلا في المجتمع ومحركا للتاريخ وقادرا على تحقيق الإقلاع الحضاري بكل أبعاده، وملامح فشل هذا النظام بدأت تظهر في الشارع الجزائري وما يُجسد ذلك احتجاجات الطلبة التي كانت سنة 2010.
1. نظام LMD في الجزائر جاء لإلغاء النظام الكلاسيكي في الجزائر أو لإلغاء نقاط الضعف كما ذكرت سابقا، فإن هذا النظام في الحقيقة كنوع من الإصلاح للنظام الكلاسيكي ومسايرة لما يحدث في العالم من استثمار في رأسمال البشري وفق معايير الجودة، وكما نعلم فإن هذه الأخيرة تتطلب نوعا من المرونة في التعامل مع هذا العنصر وهو الإنسان، لأن الاستثمار منه وإليه، وفي الجزائر فإن التعليم في الجامعة هو نتيجة أو تكملة للإصلاحات في وزارة التربية الوطنية، وبالتالي فإن الإصلاح في الأطوار الأولى يؤثر على التعليم في الجامعة، فنحن نفتقد إلى الإصلاحات البناءة والتي تنطلق من استراتيجية وخطة هادفة، فينبغي أن نستفيد من الأخطاء السابقة ولا نقوم بإجراءات عشوائية تستنزف الوقت والجهد ولا توجه الفكر والوقت والمال، ونؤكد أن الإشكالية هي إشكالية الإنسان الفاعل وكذلك الثقافة العملية في المجتمع الجزائري والتخطيط الفاعل والمبني على دراسات علمية، فدائماً المسئولون لا يأخذون رأي خبراء علماء التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس، إلى متى ونحن لا نولي الاهتمام بالاستثمار في الإنسان ونحن نواجه تحديات محلية كالأزمة الاقتصادية انهيار أسعار البترول…الخ، وتحديات عالمية النظام العالمي الجديد والعولمة الثقافية هذه الأخيرة التي تسعى لمحو الثقافات المحلية واختزالها في الثقافة العالمية وتقودنا إلى الفردانية؟
2. والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي الأسباب التي أدت إلى اعتماد نظام LMD في الجزائر؟
لا توجد أسباب موضوعية، فالنظام الكلاسيكي كان سيحقق النجاح مع المرافقة بعملية تقويمية على مستوى كل قسم وكلية في مختلف الحقول المعرفية، فنحن نحتاج إلى الاستراتيجية والخطة النابعة من ثقافتنا وفق نظرة استشرافية مبنية على دراسات ميدانية يُساهم فيها علماء التربية أولا ثم علماء الاجتماع ثانيا ثم علما النفس كل حسب الصلاحيات المُخَولة له في الميدان والتخصص.
2. بطبيعة الحال واجه هذا النظام (LMD) العديد من العقبات لأنه غير مُؤَسس ويمكن أن نوجز العقبات التي تواجهه حالياً فيما يلي:
أغلبية الأستاذة يرون أن هذا النظام غير واضح المعالم منذ البداية لم يأت من أجل الإصلاح بل كمحاولة لمسايرة ما يحدث في العالم فقط.
الجامعة الجزائرية تفتقِد إلى مخابر بحث والكتب العلمية التي تُساير التطور الحاصل في العالم.
إشكالية الربط بين الجامعة والمحيط الاجتماعي وبالتالي فإن الجامعة تفتقد إلى الآلية التي تجعل الطالب على دراية بالمحيط الاجتماعي الذي سَيندمِج فيه في المستقل(غياب التكوين العملي المؤهل).
غياب التكامل والتنسيق بين الجامعات لأن ذلك يعزز الخبرة ويساهم في رفع المردود العلمي للطلبة في كل التخصصات.
الجزائر تفتقد إلى الإمكانيات المادية والبشرية التي تجعلنا نواجه تحديات هذا العصر .
لو بحثنا في تراثنا الفكري لوجدنا الحل فينا وبين أيدينا من مفكرين مازالت أفكارهم حية وفاعلة برغم من وفاتهم من أمثال المفكر العالمي مالك بن نبي، البشير الإبراهيمي، عبد الحميد بن باديس بالإضافة إلى الأمير عبد القادر في ميدان التربية والتعليم …الخ.
نظام LMD اعتمدته الجزائر كبديل أو نوع من الاصلاح للتعليم وجاء على غرار النظام الكلاسيكي، وفي البلدان الغربية مزج هذا النظام بين التعليم الأكاديمي والتعليم المهني أي بين الماستر الأكاديمي والماستر المهني، وهو ربط بين الجامعة والمحيط الاقتصادي كنوع من ربط للمدخلات في نظام التعليم بالمخرجات قصد التماشي مع سوق العمل ومع اقتصاد المعرفة، لكن الملاحظ أن الجزائر وقعت في فخ التركيز على الجانب الكمي أي عدد خريجي هذا النظام بدل التركيز على التكوين النوعي دون الربط بين المدخلات والمخرجات مما نتج عنه نسبة كبيرة من خريجي الجامعات وحتى الدكاترة دون منصب عمل.
أما الجامعة وفي ظل الاتجاه إلى التقنية والتكنولوجيا الحديثة في مجتمع المعرفة فإن الرقمنة أو نظام صفر ورقة جعل الأمر أكثر تعقيدا خصوصاً وأن الأمر يتطلب التريث ودراسة الأمر قبل التنفيذ، لأن الجامعة الجزائرية غير جاهزة ومازالت تفتقد إلى التقنيات الحديثة المتفوقة.
* جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2