ملف

وفاة علامة الجزائر، وشيخ المالكية في عصره

بلغني بكل ألم وأسف، اليوم الثلاثاء 24 ذو القعدة الحرام عام 1444هـ، بعد منتصف الليل، وفاة علامة الجزائر، وشيخ المالكية في عصره؛ الإمام الفقيه المشارك، المجاهد في سبيل الله، الذاكر الولي الصالح العارف بالله؛ الشيخ محمد الطاهر آيت علجت الزواوي الإدريسي الحسني، المتوفى بالجزائر عن نحو مائة وعشر سنوات.
هذا الشيخ من أئمة العلم الكبار، والشيوخ الربانيين، أمضى عمره في العلم والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، خاصة أيام الاستعمار الفرنسي، فكان مثالا للفقهاء المالكية، والقائمين من أهل البيت الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين.
أخذ بتونس رواية ودراية عن الشيوخ: الشيخ الفاضل ابن عاشور، والشيخ الحبيب ابن الخوجة، والشيخ الزغواني، والشيخ أحمد ابن الميلاد، والشيخ كريبع..
وأخذ الطريقة الشاذلية عن جده رحمه الله.
وأخذ بالجزائر عن الشيخ سعيد الهجري، والشيخ الخيالي، والشيخ محمد علي مدغ، والشيخ علي أوقاسي، وكلهم أجازوه. كذا سمعت منه في تسجيل لأحد إخواني.
وهو من منطقة زواوة التي سكنها سلفنا الأشراف الأدارسة المعروفون بالكتانيين نحو القرن، وأقاموا فيها إمارة؛ على يد يحيى الثالث الملقب بالكتاني بن عمران بن عبد الجليل بن يحيى الثاني بن يحيى الأول بن محمد بن إدريس بن إدريس الأكبر الحسني رضي الله عنهم جميعا، وبقي بها ابنه الإمام الهادي، ثم ابنه القطب مولاي عبد الله؛ دفين قسنطينة، والذي عاد أبناؤه للمغرب بعد وفاته. ولا يبعد أن يكون هذا الإمام من ذرية الأمير يحيى الثالث الكتاني الذين بقوا هناك..والله أعلم!..
استجاز لي منه أخي مسند الجزائر، العالم الراوية الرحلة، الشريف؛ عبد العزيز بن علال العلمي الإدريسي الحسني حفظه الله، كتابة وشفاها، وسجل لي تسميعه للحديث المسلسل بالأولية، وطلب منه الدعاء لي؛ فدعا لي كثيرا، وذكر له حبه ومعزته للسادة الكتانيين. وأظنه من الآخذين عن الحافظ الشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى، وحضر بعض دروسه في الجزائر في زياراته المتكررة لها، غير أنني لم أضبط ذلك بعد..
إن وفاة هذا الإمام لتعد خسارة للإسلام والمسلمين، وفجيعة لأهل الدين الغيورين، وصرحا ينهد من صروح العلم والفضل، ولكن لا يسعنا إلا أن نقول: رحمه الله تعالى رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الجنات، مع جده المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وسلفه الصالحين، وتعازي لأهله وذويه، وتلامذته ومحبيه، وللشعب الجزائري الشقيق قاطبة…إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله إماما عالما  باع دنياه بدين وكفاح
بلغ القرن عطاء باذلا   نفسه في العلم طرا والصلاح
وله الفقه شعار واضح   كم سقى ليلا به أو في الضواح
نشر العلم وهديا والرشاد   مثل مزن أنعشت أرضا مراح
وإذا جد الوغى ألفيته  حاضن البندق والروح أباح
لا يبالي والردى يحدقه    وهو في الله تلظى وأناح
ضئضئ الماحي ونسل المصطفى   كم له في الدين من آي صحاح
إن بكرار نسبنا فله   بعلي نسب من غير لاح
أو بإدريس؛ ففرع باسق    ملأ الأكوان هديا والبطاح
كم له في سلف من شبه   وهو فرد بيننا غير متاح
يرحم الرحمن قرما طالما   خدم الدين بأعمال صراح
وسقى قبرا نسيما عاطرا   من صلاة وزكاة وسماح
وعلى الماحي صلاةً دائما   معْ سلام عطر كالمسك فاح

د. حمزة بن علي الكتاني

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com