رحيل علَّامة الجزائر المُجاهد المُعمَّر شيخنا محمد الطاهر آيَتْ عَلْجَت
همَمتُ صباح أمس أن أكتبَ منشورًا ألتمس فيه الدعاءَ لشيخنا الجليل الصالح العالم الربَّاني (محمد الطاهر آيَتْ عَلْجَت) بعد دخوله العناية الفائقة (المشدَّدة) في مستشفى مصطفى باشا في العاصمة الجزائرية، ولكنِّي شُغلت عنه، فإذا بي أُفجَع صباح اليوم بخبر وفاته!
تغمَّده الباري برحَماته.
أحسَب الشيخ ممَّن يصدُق فيهم قولُ رسولنا الأمين صلَّى الله عليه وسلَّم: (خيرُكُم مَن طالَ عُمرُه وحَسُنَ عمَلُه). فقد بلغ الشيخ من العمر قرابة مئة وعشر سنين، ممتَّعًا بحواسِّه وبهمَّة عالية في تدريس علوم الشريعة والعربية، والدعوة إلى الله، والنصح والإرشاد.
واجتمع في الشيخ ما تفرَّق في غيره؛ فهو عالم كبير، وفقيه مالكي جليل، وحافظ مقرئ، ونحوي بصير، ومربٍّ حكيم، وله من اسمه أوفى نصيب؛ طُهرَ سيرة ونقاءَ سريرة، وأُنسًا ولطفًا، وتواضعًا وسَماحة. وهو فوق ذلك مجاهد وقاضٍ في جيش تحرير الجزائر، وتولَّى مناصب شرعية رفيعة؛ رئيسًا للَّجنة الوطنية للفتوى، ورئيسًا للجنة الأهِلَّة والمَواقيت الشرعية.
أجل هو آية من آيات الله الساطعة في تاريخ الجزائر المعاصر، قضى قرنًا كاملًا في ميادين الكفاح العلمي والعملي، وظلَّ إلى آخر رَمَق من حياته بين المنابر والمحابر، قدوةً لطلَّاب العلم والعامَّة.
وكنت شَرُفت بزيارته في بيته بمدينة بُوزَرِّيعة في ولاية الجزائر العاصمة، في مثل هذه الأيام قبل عشر سنين، يوم الأحد 22 من ذي الحِجَّة 1434هـ (27/ 10/ 2013م)، صُحبة إخوة كرام أفاضل، وقضَينا مع الشيخ ساعات مباركة، أفَدنا فيها من علمه ونُصحه وسَمته، وصلَّى بنا المغرب إمامًا وقد ناهز المئة يومئذ، وشرَّفنا وأسعدنا بالإجازة العامَّة بخطِّه.
شَمِلَه ربُّنا بعفوه وغُفرانه
وجزاه عن دينه وأمَّته وطلَّابه وأحبابه خيرَ الجزاء
وأحسنَ عزاءنا وعزاء أهلنا في الجزائر فيه، وعوَّض الأمَّة خيرًا، وأخلف عليها من أمثاله.
وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون
ملحوظة:
أرَّخ الشيخُ تاريخ ولادته بخطِّه على الإجازة التي شرَّفنا بها: في الخامس من المحرَّم 1335 هجرية. ويوافقه في التاريخ الميلادي: 31/ 10/ 1916م. (وليس 1917 كما ورد في ترجمته بموقع ويكبيديا).
وبهذا تكون وفاته بالسنوات الهجرية عن نحو 110 سنين (109 سنين، وعشرة أشهر، و19 يومًا).
كتبه أبو أحمد المَيداني أيمن
بن أحمد ذو الغنى
25 من ذي القَعدة 1444هـ