حكم من مات وعليه نذر، أو كفارة، أو دين زكاة
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com
الفتوى رقم:611
الســــــــــــؤال
قال السائل: توفي أبي منذ سنة، وترك ميراثا:{قطعة أرض، ودارا} وعيله نذر صيام، وصدقة مالية، وكانت عليه كفارة إطعام، وما زلنا لم نقسم التركة، بسبب أخينا الكبير الذي يستغل قطعة الأرض، ورفض القسمة!!! وعندما قلنا له: كيف نقضي الديون عن أبينا؟ قال: لسنا مسؤولين عن ديونه شرعا!! فما حكم الشرع في هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيرا.
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: النصيحة للأحياء، نحن معشر المسلمين، نوصي أنقسنا أن النذر كالفرض، فمن ترتب عليه نذر، فليحرص على قضائه قبل التطوع، ولا يجوز تأجيله مع القدرة أبدا، فمن كان عليه نذر صوم، فليبدأ بالنذر قبل أن يتطوع يصوم السنة مثلا. ومن كانت عليه كفارة إطعام، أو دين زكاة، أو دين الناس، فالقاعدة أن يبدأ بقضاء الديون قبل الصدقات التطوعية. ولا يؤجل مع الاستطاعة أبدا ولو ساعة. قال الله تعالى: ﴿وليوفوا نذورهم﴾ (الحج:29) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: من كان عليه دين قضاء رمضان، أو صوم نذر، فلايصومه يوم عيد الأضحى، أو يوم الفطر. والله تعالى أعلم.
ثالثا: يجوز بل يستحب، أو يجب، أن يقضي الولد الدين عن أبيه أو أمه.فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا» البخاري:2761. أخرجه مسلم في النذر باب الأمر بقضاء النذر رقم 1638) ففي هذا الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، سعد بن عبادة، فقال: اقضه عنها. وفي الحديث. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: [مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ] (البخاري:1952. ومسلم:1147)) وفي سنن أبي داود. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ» (أبو داود:2401)
والذي آراه من هذه النصوص. أن قضاء الديون كلها واجبة، وأن تقضى من التركة، فإن لم يترك الميت ميراثا، وكان الأولاد قادرين على قضاء الدين فعلوا، وإن لم يكونوا قاديرن فمن بيت مال المسلمين، بناء على واجب التكافل، والولاء بين المؤمنين. والله تعالى أعلم. وإن كان العلماء قد اختلف اجتهادُهُم وتعدد في هذه المسألة. قال النووي في شرح الأحاديث التي رواها مسلم:{وقوله صلى الله عليه وسلم فاقضه عنها دليل لقضاء الحقوق الواجبة على الميت، قال: فأما الحقوق المالية فمجمع عليها وأما البدنية ففيها خلاف….ثم قال: واعلم أن مذهبنا ومذهب الجمهور أن الوارث لا يلزمه قضاء النذر الواجب على الميت إذا كان غير مالي، ولا إذا كان ماليا ولم يخلف تركة، لكن يستحب له ذلك، وقال أهل الظاهر يلزمه ذلك لحديث سعد هذا…} (شرح النووي:11/97)
رابعا: قال السائل: وما زلنا لم نقسم التركة بعد سنة؟؟ أقول: وهذا خطأ، فوجب على الورثة أن يقسموا التركة بعد وفاة المورث، ويأخذ كل ذي نصيب نصيبه. والله تعالى أعلم.