شعبة الأغواط تختم فعاليات الذكرى 92 لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

عاشت مدينة الأغواط مع بداية هذا الشهر نشاطا ثقافيا ودعويا بمناسبة الذكرى 92 لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من تنشيط شعبة ولاية الأغواط، حيث عرف هذا النشاط انتشارا للمشايخ والدكاترة على مستوى مساجد الأغواط على غرار مسجد الإمام مالك، مسجد الكوثر، مسجد الشيخ أحمد حماني، ومسجد سيدنا حذيفة. قام بتنشيط هذه المحاضرات كل من: أ.د.قدور موتح رئيس الشعبة، ود.توفيق جعمات، وأ. أحمد الشريف هيصام، ود. عبد القادر بيران، وأ.د. محمد فرحي، وكان محتوى الدروس والمحاضرات تذكيرا بالجهاد العملي لعلماء الجمعية في إطار ثلاثية الهوية «الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا» بداية من سنة 1913 مع الشيخ ابن باديس، والظروف التي رافقت عملية التأسيس يوم 05 ماي 1931، وما تبعها من إنشاء للمدارس والصحف و… وقد تزامن كل هذا مع زيارة بعض أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء، يوم السبت 13 ماي 2023 على رأسهم الرئيس الشرفي لجمعية العلماء الشيخ الأستاذ الدكتور عمار طالبي بمرافقة الأساتذة: الدكتور علي حليتيم و أ.عبد اللطيف سيفاوي، و أ.مختار بوناب و د. نور الدين عدوان، حيث أقامت شعبة الأغواط صباح السبت 23 شوال 1444هـ (13/05/2023م) بهذه المناسبة احتفالية في المكتبة الرئيسية للمطالعة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بحضور السيد والي الولاية فضيل ضويفي ورئيسي البلدية والدائرة وممثلي الأسرة الثورية ودكاترة باحثين وتلامذة مدرسة الأغواط القدماء وتلاميذ التلاميذ والمدعوين الذين امتلأ بهم مدرج المكتبة الرئيسية للمطالعة، حيث وبعد سماع آيات بينات من كتاب الله ثم النشيد الوطني ونشيد الجمعية «شعب الجزائر مسلم» قام مدير المكتبة أ. عبد الوهاب بحرية بإلقاء كلمة ترحيبية ثم أخذ الكلمة بعده رئيس الشعبة الولائية البروفيسور قدور موتح، مرحبا بالحضور باسمه وباسم المكتب وكذا باسم رئيس الجمعية الشيخ أ.د. عبد الرزاق قسوم الذي اعتذر عن الحضور بسبب ارتباطات سابقة وأعطى لمحة تاريخية عن شعبة الأغواط ونشاطاتها المختلفة من الإشراف على المدارس القرآنية، وتنظيم الندوات ودروس الدعم للطلبة المقبلين على امتحانات البكالوريا وكذا تنظيم القوافل الطبية بصفة دورية باتجاه المناطق النائية ومناطق الظل التي يحتاج فيها السكان إلى دعم نفسي وطبي واجتماعي بالإضافة إلى الدعم المادي، كما قدم رئيس الشعبة لمحة موجزة عن مشروع «مجمع الجمعية» الذي هو في طور الإنجاز على قطعة أرضية بحي المجاهدين، تكرمت وتبرعت بها كهبة نجلة المدرس المثقف الشهيد حبيب شهرة الذي سميت باسمه مدرسة وسط المدينة التي كان يدرس بها والمعروفة بمدرسة البنين، وأثنى رئيس الشعبة على المحسنين والمتبرعين الذين ساهموا في بناء هيكل الطابق الأرضي ودعا بهذه المناسبة الأغواطيين والجزائريين وكل السلطات إلى المساهمة في بناء هذا الصرح الثقافي الذي سيشكل قيمة ثقافية مضافة للمؤسسات الثقافية الموجودة التي تزخر بها الأغواط.
ثم كانت كلمة السيد والي الولاية الذي استهلها بشكر القائمين على تنظيم هذه الاحتفالية المباركة تخليدا للذكرى 92 لتأسيس جمعية العلماء المسلمين، لاسيما أعضاء شعبة العلماء المسلمين الجزائريين بالأغواط، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور قدور موتح، وكلّ أعضاء الشعبة، ومرحّبا بضيوف الولاية الكرام، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور عمّار طالبي، الرئيس الشرفي لجمعية العلماء، ونوه من خلال كلمته بجهود علماء الجمعية الأوائل وعلى رأسهم الإمام ابن باديس بقوله: إن الجمعية سعت لكي تنير دروبنا وتبني قلاعنا وتُربّي أبناءنا ردحًا من الزمن بالرغم من تسلّط قوى المستدمر، والتضييق الممارس على أعضائها، وقمعه لهم…، فكان ما أراد واستجاب المجيب وكان للمسيرة المُنيرة لعلماء الجزائر ومصلحيها، الأثر البالغ في زرع الوعي وإصلاح النفوس وتأديب الشباب الذي خاض فيما بعد درب الثورة التحريرية المجيدة بكلّ إيمان وعزيمة ومثابرة، حتى تحقّق النصر بحمد اللّه. كما لم ينس السيد الوالي التذكير بمآثر الأغواط العامرة وأهلها، التي تعتز بشهدائها وتفتخر بمجاهديها وعلمائها ومشايخها وزواياها وطلبتها وشبابها التوّاق لاعتلاء أعلى المراتب العلمية ونيل شرف حمل رسالة العلم والشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار، مدينة المقاوم بن ناصر بن شهرة، والشيخ أحمد شطة والشيخ أحمد قصيبة والشيخ أبو بكر الحاج عيسى، وغيرهم من العلماء الأفذاذ عليهم رحمات ربي.
كما كانت المناسبة فرصة لتقديم محاضرة للدكتور توفيق جعمات عن تاريخ الحركة الإصلاحية في الأغواط ورائدها الشيخ مبارك الميلي الذي أسس مدرسة الشبيبة الأغواطية، حيث ذكر أن تكوين هاته المدرسة كان تكوينا متينا بدليل ثناء الشيخ بن زكري وتهنئته لمبارك الميلي على المستوى العلمي وسلوك طلبته الذين انتقلوا للدراسة في المدرسة الثعالبية، دون أن ننسى طلبة بعثة الزيتونة الذين ذاع صيتهم في الجزائر وتقلدوا المسؤوليات في هياكل الجمعية ولجنة التعليم العليا و… ولم ينس المحاضر الولوج في تفاصيل هذا التكوين الذي زخرت به مدرسة الشبيبة الأغواطية، حيث ذكر أنه في ذلك الوقت ونظرا لعدم توفر الكتب والمناهج المدرسية قام الأستاذ مبارك الميلي بإعداد ملخصات مدرسية منها شرح مدرسي وعصري لمتن ابن عاشر وملخصات في النحو والصرف، ودروس المبادئ المنطقية لتلامذة مدرسة الشبيبة الأغواطية ومحفوظات مختارة وكراسات لبعض القصائد مثل قصيدة أبي طالب وقصيدة غادة اليابان لحافظ إبراهيم التي قام بشرحها شرحا لفظيا وصرفيا ونحويا وبيانيا وما تحمله من معان وروح سامية بمشاركة طلبة الطبقة الأخيرة في مدة استغرقت سنة كاملة، دون أن ننسى مادة التاريخ التي ذكر الشيخ أبو بكر الحاج عيسى الأغواطي أنه شاهد النسخة الخطية لتاريخ الجزائر في القديم والحديث وبها عدة تشطيبات وكثيرا ما كان الشيخ مبارك الميلي ينام تاركا ضوء الشمعة مشتعلا من كثرة الإجهاد ومراجعة الكتب والترجمات حتى يخرج تأليفه في ثوب قشيب، وقد ذكر الشيخ أحمد قصيبة أن أسئلتنا له حول تاريخ الجزائر كانت تحرجه، وكان يقول لنا اقلبوا القضية تجدوا الصحيح في ضدها، لأن دروس التاريخ في المكتب الفرنسي كانت كلها جدالا مع الأساتذة فقد كان منهاج التاريخ مجحفا ومزريا في حق الجزائريين ويحط من كرامتهم، ولعل هذا ما حفز الشيخ الميلي لكتابة تأليفه «تاريخ الجزائر في القديم والحديث» ليستفيد منه تلامذة مدرسة الأغواط في المقام الأول.
وقد أعجب الحضور بهذه المحاضرة وطلب د عمار طالبي تزويده بنسخة من كراسة المبادئ المنطقية لتلامذة المدرسة الأغواطية.
وقد كان الاحتفال فرصة للقيام بتكريمات من شعبة الأغواط لكل من ضيف الشرف الشيخ أ.د. عمار طالبي قدمها له السيد الوالي مع رئيس الشعبة ومدير المكتبة تمثلت في برنس (بِيدي) وقندورة محلية ودرع إلى جانب شهادة تقدير وعرفان لما قام به وما يقوم به من خدمة لتراث الجزائر عامة وتراث الجمعية خاصة. كما قام بتكريمه السيد مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة، وتم تكريم السيد الوالي من طرف رئيس الشعبة والسيد عمار طالبي والسيد مدير المكتبة عرفانا له على حسن الاستقبال ومرافقة أعضاء الشعبة في مسعاهم. كما لم يفت عمداء الكشافة الإسلامية الجزائرية بمدينة الأغواط ممثلة بالحاج الطاهر خشبة والحاج بورزق عرابي أن تكرم الدكتور طالبي بهدية رمزية بهذه المناسبة.
وتبعه تكريم قدامى تلاميذ مدرسة التربية والتعليم الأحياء (الحاج ابن عمر قصيبة رئيس شعبة الأغواط الأسبق، الحاج محمد هويشر، الحاج لخضر ابن المبارك، الحاج العيد الزاوي، الحاج عثماني بلخير، والسيدة المحترمة خديجة الصادق).
وكان هناك تكريم خاص للحاج صالح البليدي رحمه الله الذي بذل من ماله وعمره خدمة لأهداف الجمعية وعاصر التأسيس الأول وكان سباقا في إنجاح إعادة البعث في 2001.
وقد كُرم أيضا أ.د. محمد يوسفي الأمين العام الأسبق للشعبة لمشواره العلمي الأكاديمي المتميز وحصوله على جائزتي تومسن رويترز وسكوبس.
ثم ألقى الأستاذ الحاج محمد هويشر كلمة نيابة عن المكرمين فأجاد وأفاد.
وقد كان للشعر نصيب، فقد ألقت الشاعرة القديرة د.خديجة دبة قصيدة بالمناسبة.
وفي الختام تم تكريم الأساتذة المحاضرين والشاعرة خديجة دبة والجمعية الطبية ونقابة الصيادلة.
في المساء، وبعد صلاة المغرب نشط الضيوف مساجد الأغواط بدروسهم الدعوية المفيدة فكان من نصيب الشيخ عمار طالبي مسجد الإمام مالك ومن نصيب د حليتيم مسجد أسامة بن زيد الذي ألقى يوم الجمعة درسا في مسجد الشيخ حماني أيضا.
في اليوم الموالي ألقى الضيف الشيخ عمار طالبي محاضرة بنفس المدرج بالمكتبة العمومية عنوانها مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي، شرح فيها النظرية المتكاملة لمفهوم الحضارة، وكيف أن أفكار مالك بن نبي لم نستغلها في بناء الجزائر الفتية ولم نستلهم منها في نهضتها وضيعنا بذلك فرصة للإقلاع النهضوي، كانت من نصيب دول أخرى غير عربية، وتبع المحاضرة ردود ونقاشات، بعد أن لقيت إعجاب وتفاعل الحضور.
تخللت زيارة ضيوف الأغواط، بزيارة بعض المعالم الأثرية والدينية مثل مسجد الصفاح الذي بني سنة 1874 ذي الطراز المعماري الموريسكي الرائع والمسجد القطب واختتمت الزيارة في اليوم الأخير بزيارة وترحم لمقبرة شهداء مقاومة الأغواط 1852 التي راح ضحيتها ثلثا سكان المدينة.
خلية الإعلام الأغواط