قضايا و آراء

المصير السياسي للزعيمين الغنوشي وأردوغان

أ. عبد القادر قلاتي/

يخوض الزعمان الكبيران الشيخ راشد الغنوشي في تونس، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان في تركيا؛ حربًا ضد جبهة داخلية يقودها التيار التغريبي من جهة وجماعات التسول السياسيّ من جهة أخرى، وجبهة خارجية يقودها المشروع الاستعماري الغربي الذي يرفض رفضاً تماماً واقعية العمل السياسي الاسلاميّ، في نسخته المشرقة التي يمثلها تيار الوسطية الاسلامية، والذي يشكل النسبة الأكثر انتشاراً في العالم الإسلامي، ولذا نراه اليوم -المشروع الاستعماري الغربي – يُخرس مؤسساته الحقوقية كي تلتزم الصمت تجاه ما يتعرض له الزعيم السياسيّ الشيخ راشد الغنوشي من قبل منظومة الاستبداد والتبعية وملحقاتها من الجماعات الايديولوجية المعادية للإسلام ولحركاته السياسية، وفي المقابل نرى أيضا التكتلات السياسية المؤدجة في تركيا التي تحالفت مع المشروغ الغربي؛ لإسقاط النّظام السياسيّ القائم في تركيا منذ عشرين سنة والذي أثبت مقدرة منقطعة النّظير في إدارة بلد كبير وعريق، ظلّ منذ سقوط الخلافة الإسلامية، وقيام ما سميّ بالدولة التركية الحديثة التي كانت في ظلّ الإسلام إمبراطورية تحكم نصف الكرة الأرضية؛ يتخبط في أوضاع سياسية واقتصادية كبيرة، لم يفلح أي حزب أو تيار سياسيّ من إخراج البلاد منها، حتى عام 2002م عندما جاء حزب العدالة والتنمية الذي استطاع أن يحوّل تركيا من دولة فاشلة إلى دولة محوريّة ومركزيّة في السياسة الدوليّة، بالإضافة إلى النهضة الاقتصادية والصناعية المشهودة التي اعترف بها العدو قبل الصديق، ومع هذا لم تشفع لهذا الزعيم الكبير في التاريخ السياسي لتركيا هذه الانجازات، وها هو يجابه اليوم (الانتخابات الرئاسية ستكون يوم 14 ماي) هذه المنظومة المتعلمنة الكارهة لتاريخ وتراث هذه البلاد والمتحالفة -في السرّ وفي العلن – مع المشروع الاستعماري الغربي؛ الذي أعلنت دوائره السياسية والإعلامية الحرب على أردوغان، والوقوف صراحة ضدّ بقاء أردوغان رئيساً لتركيا لعهدة جديدة قد توفرها له الديمقراطية، المتفق عليها كآلية سياسيّة نهائيّة في المجال التداولي الغربي، لكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي تتحوّل القناعات الفكريّة والسياسيّة إلى وضع براجماتي تؤطره لغة المصالح الذاتية، التي تعود المشروع الاستعماري الغربي أن يقدمها على حساب الحق والعدل مع الآخر المختلف فكريا وأيدلوجيا.
أما الشيخ راشد الغنوشي، فقد يكون مصيره نهاية جهاد طويل، ونضال استمر قرابة الاربعين سنة، من أجل أن يرى تونس دولة ديمقراطية بمرجعية إسلامية، ينعم فيها الجميع بالحرية والاستقرار السياسي والاقتصادي، لكن الاستبداد السياسيّ يأبى إلاّ أن يبقي الوضع كما هو عليه من عدم استقرار الدولة والنهوض باقتصادها ورفاهية شعبها، رغم الامكانيات التي تتوفر عليها بلداننا العربية والإسلامية، وها هو الشيخ يقبع في السجن بدون بوجه حق، ويواجه جملة من الاتهامات التي قد تنهي تاريخه السياسيّ، وربما حياته كلها؛ لأنّه رفض الخضوع والاستسلام لقوة الدولة العميقة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com