لهذه الأسباب يحارب الإسلام علنا ومن وراء حجاب…!/ محمد العلمي السائحي
لماذا أنّى وولّى المرء وجهته هذه الأيام؟ لا يرى إلا دماء تنزف، ومدنا تقصف، ودموعا تذرف، وجموعا هاربة من الديار، تمشي ولا تدري إلى أين، همُّها الوحيد أن تنجوا بنفسها من هذا الدمار، الذي لم يعد يطيقه لا الكبار ولا الصغار، والجميع وجهته إلى الغرب )إلى أوروبا(، حيث الأمن والسلام؟
لماذا لم يعد يرى في البلاد العربية والإسلامية إلا فتنا ثائرة وحروبا دائرة؟
لماذا لم تطل هذه الفتن والحروب أوروبا والغرب؟
لماذا بقيت محصورة في الدائرة العربية والإسلامية وحدها؟
الجواب المنطقي الوحيد هو: أنهم هم من أشعلوا نارها، وأذكوا أوارها، وهنا تتبادر إلى الذهن أسئلة أخرى من قبيل: لماذا فعلوا ذلك؟ وماهي أهدافهم التي يسعون إليها من وراء هذه الحروب التي يديرونها على أرضنا؟ وكيف يمكن التصدي لعدوانهم هذا؟
الجواب على ذلك يتطلب منا الرجوع إلى مستهل العقد التاسع من الألفية الثانية، ففي تلك الفترة بدأ يظهر التململ في البلاد العربية والإسلامية، من عجز الدولة الوطنية والقومية عن تلبية مطامح الشعوب، وبدا يتجلى توجها واضحا لتغيير الأنظمة السياسية القائمة، واستبدالها بأنظمة أكثر انسجاما مع الانتماء الثقافي والحضاري والديني، بفعل إفلاس التوجه الشيوعي والاشتراكي والرأسمالي اللبرالي، وتاقت الأنفس إلى استلهام الإسلام كحل بديل، لتأسيس نظام حكم رشيد يأخذ على عاتقه تحقيق ما عجزت عن تحقيقه تلك الأنظمة المفلسة، ودلّل على تلك الرغبة وأكدها ما نشر من دراسات وأبحاث جامعية تركزت حول السياسة والاقتصاد والقانون وعلم الاجتماع وعلم النفس والتربية من قبيل الاقتصاد الإسلامي، وعلم الاجتماع الإسلامي، والسياسة في الإسلام، والقانون من منظور إسلامي، مما أكد للغرب أن هناك نزعة للتحرر من التبعية للحضارة الغربية بدأت تعلن عن نفسها في البلاد العربية والإسلامية، مما دفعهم للعمل على مناهضتها بما يملكون حفاظا على ما يملكون.
ولعل من الأسباب الأخرى التي دفعتهم إلى محاربة الإسلام والتضييق على المسلمين هو تمكن الجاليات الإسلامية المقيمة في الغرب من الترويج للإسلام ودفع الكثير من الأوروبيين لاعتناقه، وتمكن أفراد كثر من هذه الجاليات من الولوج إلى مراكز القرار، وشغل مناصب سياسية هامة في المؤسسات الأوروبية، كالمجالس النيابية والمناصب الحكومية، وهذا معناه أنه لو ترك لهم الحبل على الغارب سيتمكنون في وقت وجيز من التمكين للإسلام في تلك البلاد، ولذا كان من الضروري أن يفكروا في شغل المسلمين بأنفسهم عن الترويج للإسلام والدعوة إليه، وذلك بتفجير الفتن وإشعال الحروب في البلاد العربية والإسلامية والتي ستكون ذات فائدة مزدوجة، فهي إذ تشغل المسلمين بأنفسهم وتمنعهم من التفرغ للدعوة إلى دينهم وتبليغه للناس، كما تسهم في الوقت ذاته في تشويه الإسلام والتنفير منه، بإظهاره للناس على كونه دينا يحرض أتباعه على العنف، وأنه لا أمل فيه، ولا خير يرجى منه.
والسبب الثالث هو لا يقل أهمية عن السببين السابقين، هو الخوف من قيام أنظمة سياسية قوية تعمل على توحيد العالم العربي والإسلامي مما يترتب عنه وضع حد للهيمنة الغربية على اقتصاديات البلاد العربية والإسلامية، وتلك هي الطامة الكبرى التي يخشاها الغرب، لأن ذلك معناه حرمان المصانع الغربية من المواد الأولية التي تعتمد عليها فيما تصنعه من منتجات، تلك المواد التي كانت تأخذها بلا مقابل، أو بثمن بخس، معناه أن البلاد العربية لن تبقى سوقا مفتوحة للغرب، يحتكرها لنفسه ليصرف فيها منتوجه، معناه أن البلاد العربية والإسلامية في ظل تلك الأنظمة الرشيدة، ستتحول إلى قوة دولية قادرة على أن تفرض نفسها على المسرح الدولي، وأن تملي شروطها على من تريد، ومتى أرادت ذلك، معناه أن الإسلام سيجد في ظل تلك الأنظمة الرشيدة، ما يشد عضده، ويقوي شوكته، ويعيد إليه سطوته، ويغدو بمقدوره أن يتصدى للعجرفة الصهيونية، والتجبر الصليبي، والتنمر البوذي، والتهور الأمريكي، والصلف الروسي، لذلك نراهم يحاربون الإسلام علنا ومن وراء كل حجاب…!