العزيز في رحاب العزيز
ياسين مبروكي/
فقد مقر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين واحدا من موظفيه المخلصين العاملين المجتهدين في سبيل ترقية عملها وتحولها المؤسساتي المهيكل والمنظم وفق القواعد التي باتت تفرضها التطورات الحاصلة في المجال التكنولوجي والمعرفي المتسارع.
عبد العزيز مالك هذا الرجل الوفي الخدوم محاسب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منذ سنة 2017 إلى أن وافته المنية يوم 29 أفريل 2023، حيث عمل خلال هذه الفترة رفقة الأستاذ نور الدين رزيق أمين مال جمعية العلماء المسلمين على رقمنة الجانب المالي في تسيير شؤون الجمعية وفروعها المنتشرة عبر أنحاء الوطن، وهو ما تم بالفعل من خلال التخلص من الكثير من الأوراق والملفات التي تكدست على رفوف مكتب المالية وأرشيفها، ومما شهدناه في عمل هذا العزيز هو تفانيه في تأدية مهامه وتركيزه عليها من خلال تسجيل كل العمليات المالية ومراجعتها الدورية وشرحه المستفيض لكل مستفسر راغب في الحصول على معلومة معينة أو فكرة تحتاج إلى توضيح.
عبد العزيز عرفته يوم انضممت إلى هيئة تحرير جريدة البصائر الغراء حيث دارت بيننا الكثير من اللقاءات والنقاشات حول سبل التطوير والتحسين في البصائر بصفة خاصة وفي إعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عموما، وفي الأشهر الأخيرة زاد اهتمامه بها وتشجيعه لنا من خلال الأرقام المسجلة في عملية بيع الجريدة ومردودها بالمقارنة مع ما تعانيه الجرائد في الجزائر من ناحية المبيعات المباشرة، كما حرص على دعم وترويج عملية الاشتراك الالكتروني في جريدة البصائر ومنشورات الجمعية هذه العملية التي تعرف تحسيسا مستمرا وتجاوبا متفاوتا من شعبة إلى أخرى.
عبد العزيز في الفترة الأخيرة كثير الابتسامة دائم الحضور مفعم بالطاقة الايجابية، قريب من الجميع خاصة شباب الجمعية الأخ عبد الغني والصديق عماد والأختين سمية ونسيمة تجده بينهم وكله سعاده وفرح وأمل، يحول كل موضوع أو نقاش معين إلى دعابة وابتسامة وفرح، وهو الذي عاش ستين سنة كلها خبرة ودراية بشؤون الحياة ومتقلباتها، ولم يبخل يوما بنقل تجاربه في الحياة إلينا سواء في الحياة المهنية أو الاجتماعية وحتى الأسرية، وفي اللقاءات الثنائية الرائعة بينه وبين الزميل اسماعيل سلمان فعليك أن تبتسم فقط وتمسك العصى من الوسط دون أن تميل لأي طرف منهما .
عبد العزيز بلغني نبأ وفاته وأنا في رحلة علمية تنظيمية بالجنوب الغربي للجزائر رفقة الشيخ عبد الرزاق قسوم والشيخ نور الدين رزيق والدكتور مولود عويمر، والحقيقة أن الخبر نزل كالصاعقة علينا كيف لا وقد تركنا الرجل في العاصمة وهو بخير وعافية لكن مشيئة الله شاءت أن يترجل هذا الفارس في هذا الأيام المباركة، وما عسانا أن نقول في هذا الموطن إلا إنا لله وإنا إليه راجعون.
عبد العزيز كتب لنا الله أن نعود من الصحراء على جناح السرعة لنشارك في مراسم تشييعه والصلاة عليه في مسجد نادي الإصلاح ببلكور ودفن جسده الطاهر في مقبرة العالية مستمعين لدعاء وتأبين الشيخ عمار طالبي له متفحصين في عيون الحاضرين وكلهم حزن على وداع رجل استقبل الجميع في أول مكتب في مقر الجمعية بالروح المسلمة الهادئة السمحة.
فما عساني في الأخير يا عبد العزيز إلا أن أخلد ذكراك وذكرياتي معك في مخيلتي ما حييت، داعيا الله العظيم أن يرحمك برحمته الواسعة وأن يسكنك فسيح جناته وأن يلهمنا وأهلك جميل الصبر والسلوان.