فتاوى

لايجوز استعمال الموظفين وسائل المؤسسة للمصلحة الشخصية

الفتوى رقم:628

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/

الســــــــــــؤال
قال السائل: إنه يعمل كرئيس مصلحة، في مؤسسة عمومية تابعة لمرافق الدولة، ومن حين لآخر يستعمل أدوات المؤسسة (ولم يذكرها) ويأمر بعض الموظفين بخدمة لمصلحته في أوقات الدوام الرسمي، قال: وكان هذا بعلم من المدير العام للمؤسسة،؟ قال: وسمعت من يقول: هذا حرام؟ وسؤالي: هل استعمال وسائل المؤسسة من قبل الموظفين فيها لمصلحتهم الشخصية حرام؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الوظيفة المتعاقد عليها بعقد عمل أمانة: فالموظف بعد أن عين في مرفق عام، أو مؤسسة، أو جمعية، أوشركة، أو أي عمل، فصار في وقت أداء العمل الوظيفي، في وعاء زماني لا يقبل من العمل إلا ما تعاقد عليه بشأن أداء الوظيفة لا غيرها. فمثلا السائق الذي مهمته الذهاب إلى مكان عمل معين لمصلحة المؤسسة العامة، يحرم عليه أن يذهب إلى مكان آخر لمصلحة شخصية، ولو كان المدير يعلم ذلك ويسكت. والذي يعمل في مطعم مؤسسة عامة (مثلا) كالمستشفيات والجامعات والثكنات والمعامل، لايجوز له الأخذ من طعام المؤسسة العامة التابعة للدولة، ولو بإذن المدير.. ورد في الحديث النبوي الشريف، قول الرسول صلى الله عليه وسلم:[إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ] (مسلم:107/1599) فأرجو من السائل أن يتدبر الأحكام الواردة في هذا الحديث ففيه موعظة بليغة وتوجيه حكيم وتحذير كبير. ولكثرة فوائد هذا الحديث، اعتبر أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، ومن مقاصد هذا الحديث معالجة موضوع هذه المسألة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: المديرون مسؤولون: المديرون ورؤساء المصالح وكل مسؤول في أجهزة الدولة هو موظف ومسؤول عن حدود وظيفته، وأن المؤسسة التي يتولى إدارتها ليست ملكا له، فإن كل ما هو للدولة هو ملك لكل الشعب، أي ملك للمجتمع كله، وكل موظف في الإدارات والمرافق والمؤسسات، مؤتمن على أمانة الوظيفة، وعُيِّنَ الموظف مهما كان ليقوم بمهام الوظيفة (وفقط) وقت الوظيفة، إلا بما يسمح به القانون. والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.
ثالثا: لايجوز أخذ شيء من المال العام: فلا يجوز للموظف أن يستعمل وسائل المؤسسة لمصالحه الشخصية، ولا يجوز له أن يقوم بعمل خاص له وقت الوظيفة، كذلك لا يجوز له أن يأخذ من وسائل الدولة، ولا من المال العام، ولوكان مقدار مخيط. هل قرأتم هذا الحديث؟ عن عدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، قال: سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم يقول: [مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا، (الإبرة) فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الْأَنْصَارِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: [وَمَا لَكَ؟] قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: [وَأَنَا أَقُولُهُ الْآنَ، مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى] ( مسلم:30/ 1833) ما معنى الغلول؟ أصل الغلول: الأخذ من المغنم قبل القيمة، ومنه الاختلاس من المال العام.قال الزَجّاج: {غَلَّ الرّجُلُ يَغُلُّ: إذَا خَانَ؛ لأنّه أخَذَ شَيْئا فِي خَفَاء. وكلُّ مَا كانَ من هذَا البابِ، فَهُوَ راجِعٌ إِلَى هَذَا} والغُلُول: السّرقَة من الْمغنم. وفي تاج العروس:{قال ابنُ الْأَثِير: الغُلٌولُ: الخيانةُ فِي المَغنَم، والسَّرِقةُ، وكلُّ من خانَ فِي شيءٍ خِفيَةً فقد غَلَّ، وسُمِّيتْ (هذه الخيانة) غُلولاً لأنّ الْأَيْدِي فِيهَا {تُغَلُّ، أَي يُجعلُ فِيهَا} الغُلُّ.} (تاج العروس: 30/ 116) قال الله تعالى:
﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (سورة آل عمران:161،162)

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com