كلمة حق

إبليس ينهى عن الـمنكر

أ د. عمار طالبي/

هؤلاء الصهاينة ينصحون المتقاتلين في السودان أن يكفوا عن القتال، وتدمير وطنهم، وتزيد حاميتهم الموقرة النصوح أمريكا تشجيعهم على ذلك ونصحهم، وهم يقتلون شباب فلسطين كل يوم بالجملة، أو يسجنون الأطفال، ويخربون بيوت الشعب الفلسطيني، أما الموقرة العنصرية التي تنادي بالديمقراطية والسلم، يبدو أنها نسيت تدمير دولة العراق، وتشتيت شعبها الموحد إلى طوائف وميليشيات، وهلاك اقتصادها، ونسيت أيضا ما ارتكبته وحلفاؤها الستون من جرائم في أفغانستان واغتيال زعمائها، وإفساد الحرث والنسل، ونشر الأمراض، واستعمال الأسلحة المدمرة، مع الكذب والخداع، وادعاء امتلاك العراق للأسلحة النووية، وما كانوا يرتكبونه من تعذيب في السجون في أبي غريب وغيره.
أما هؤلاء العسكر السودانيون الذين انقسموا إلى فريقين، فريق يقوده جنرال وفريق يقوده جنرال آخر، وهمّ كل منهما تقوده شهوة عارمة للحكم، والاستبدادية، وكان كل منهما يُبيت للآخر الكيد، ويخفي ما كان في ذات صدره من مكر، تحدثه نفسه الأمارة بالسوء، فلا يفكران في مصلحة وطنهما التي غلبت عليهما الشقوة والشيطنة، والشر، فأنساهما ذلك كله وظيفة الجيش الذي لا تعدو وظيفته أن تكون دفاعا عن الأمة وحرماتها من أي عدو خارجي، تحدثه نفسه أن ينتهك حرمة الشعب، وحدود الوطن، بل أنهما يركعان أمام الصهاينة وغيرهما رجاء أن تساعدهما على الهيمنة، وتولية حكم الاستبداد، لا تتصور أن جيشا مسلما يُوادّ من يعتدي على مقدسات الأمة وحرماتها، ويحاد الله ورسوله والمؤمنين {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة/22]، فهذا موقف منافٍ للإيمان، وهو موقف المنافقين الذين كانوا يوادون اليهود في المدينة، فهؤلاء آثروا الهوى النفسي والعصبية وأصبحوا أهلا للظلم والعدوان المتجاهرين بالكبائر والاستخفاف بحرمات الإسلام، وعن الثوري أنه قال:»كانوا يرون تنزيل هذه الآية على من يصحب سلاطين الجور» (الإمام محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير ج28 ص54).
استحوذ الشيطان على الجِنرالين فكانا من حزب الشيطان{أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة/19]، وهم الخائنون لأمانة الجيش ووظيفته، الخائنون لشعبهم ووطنهم، المجاهرون بركوعهم أمام الصهاينة، وإن كان يزعم أحدهما أنه لا يوافق على ذلك، والله أعلم بضميره وذات صدره.
وامتدت يد خائن آخر من جيران السودان تمدهم بالسلاح وهي ملطخة بالدماء، راسخة في الخيانة والهوان، إنه عسكري آخر مهزوم إلا على شعبه، يسفك دماءه، ويخفي الجثث في مقابر جماعية، ويتعاون مع كل من يريد الشر بشعب ليبيا الشقيق، وكان يستعمل بعض المرتزقة من السودان.
إن الشعب السوداني فقد ثقته في هذا الجنرال وذاك، ولم يعد يؤمن بما كانوا يدّعيانه من تسليم السلطة للمدنيين، إذ أنهما عزما على الاستبداد باقتصاد الشعب، بالكذب عليه.
والعجب كيف يصبح هذا الشعب في فقر مدقع، مع ما حاباه الله به من مياه النيل، والأرض الخصبة الولود، والطاقة الاجتماعية، ولكن السياسيين أيضا أُخذوا إلى الوعود الكاذبة والثرثرة الكلامية في كل نادي، وأصبح الشعب يميل إلى الخمود، فذهبت الطاقة الاجتماعية واستثمار الإنسان ليعمر الأرض، بعمله، فإن مصدر الثروة إنما هو العمل وبذل الطاقة، ولكن السياسة الفاشلة أضاعت جنوب السودان، وها أننا نرى اليوم ضياع الشمال وتشتته، وتمزيق أوصاله، فالأمة التي يحكمها أمثال هؤلاء العسكر والسياسيون الفاشلون لا يكتب لها أن تتقدم، ولا تشم رائحة الديمقراطية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com