ملتقى البنات: عقليتك حوارية أم مقالية؟.. تجربة عملية

في حل المشكلات الحياتية، ولتكوين آراء صحيحة، والصلح بين المتخاصمين، إما أن نفكر بطريقة الجزر المنفصلة، فكل شخص يشرح ويتشبث بوجهة نظره، أو أن يحدث تفاعلا حقيقيا ومباشرا بين الآراء والأشخاص.. قد يبدو الخيار الثاني مزعجا ومليئا بالجدل، لكنه بالفعل الأفضل، فأقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم.
إن العزلة الفكرية وعدم المواجهة تجعلنا نتخيل أشياء كثيرة عن الآخر، ونغفل الكثير من النقاط وربما ينتقل إلينا كلاما كاذبا، أما إذا اخترت وأنت في مقتبل الشباب أن تطوري مهاراتك الحوارية، وتتقني التفاعل مع الآراء والشخصيات فستوفرين على نفسك الكثير من الجهود والمشكلات.
وهذه الدراسة توصلت إلى أفضلية الحوار على المقال في الوصول إلى رؤى عملية بخصوص العديد من الأمور، وكيف أن الحوار يجعلنا أكثر دقة وعملية، بينما الكلام المنفرد يسهل الادعاءات.
بحسب دراسة نشرت في مجلة Psychological Science، فإن دراسة قضية ما كمناظرة أو حوار بين جانبين يساعد الناس على التفكير بشكلٍ أعمق وأكثر نضجًا.
ووفقاً لزافاليا جوليا مؤلفة الدراسة ومدرسة في جامعة كولومبيا، فإن دراسة وجهات نظر متعاكسة تؤدي لإدراكٍ أكبر للقضية. علاوة على ذلك، فإنها تؤثر في كيفية فهم الناس للمعارف، حيث إن بناء وجهات نظرٍ متعاكسة يقودهم للتعامل مع المعارف بشكل أقل على أنها حقيقة وبشكل أكبر على أنها معلومة يمكن فحصها بالدليل.
سألت “زافاليا” 60 طالبًا غير متخرجٍ للمشاركة في نشاط كتابةٍ لمدة ساعة واحدة. تم تعيين بعض المشاركين بشكلٍ عشوائي لكتابة حوار بين معلقين في التلفاز يناقشان مرشحين لرئاسة البلدية.
وقد تلقى المشاركون قائمةً بالمشاكل التي كانت تواجهها المدينة وقائمة بالأعمال المقترح أن يقوم بها كل مرشَّحٍ لحل هذه المشاكل.
تلقى المشاركون الآخرون نفس المعلومة عن المدينة والمرشحين لكنهم سئلوا ليكتبوا مقالةً مقنعة تركز على جدارة واستحقاق كل مرشح.
بعد ذلك، سُئل المشاركون في المجموعتين ليكتبوا نصًّا لمقطعٍ تلفزيوني لمدة دقيقتين لتشجيع مرشحهم المفضل.
وجدت بفحصها لنماذج كتابة المشاركين أن الذين كتبوا حوارًا ذكروا أفكارًا غير مترابطة في كتابتهم أكثر مما فعل المشاركون الذين كتبوا مقالًا.
وبالمقارنة بالمقالات، احتوى الحوار جملًا أكثر تقارن بشكلٍ مباشر بين المرشحين وجملًا أكثر تربط مشاكل المدينة بأعمال المرشحين.
في المرحلة التالية والتي تتضمن كتابة نصٍّ تلفزيوني، رجع الطلاب الذين كتبوا حوارًا إلى مشاكل المدينة لاقتراح الأعمال، كتبوا جملًا أكثر تربط المشكلة بالعمل، كما أجروا مقارنات أكثر بين المرشحين، وكتبوا جملًا نقدية أكثر لجوانب المرشحين، بالمقارنة بالطلاب الذين كتبوا المقالات.
كان الطلاب في مجموعة الحوار أقل ميلا لكتابة ادعاءات تنقصها الأدلة الداعمة. فقط 20% من الطلاب في مجموعة الحوار كتب ادعاءاتٍ غير مؤكدة مرة أو مرتين، بالمقارنة مع 60% من الطلاب في مجموعة المقالات.
تدعم هذه النتائج فرضيتنا أن المهام الحوارية تقود لعملية أعمق وأكثر فهمًا لكلا الجانبين وبالتالي تمثيل أغنى لكلٍّ منهما وللفروقات بينهما، حيث ساعد بناء حوار على توسيع وزيادة حدة تفكير الطلاب.
تشير نتائج مهمة منفصلة إلى أن المشاركين في مجموعة الحوار أظهروا فهمًا أكثر نضجًا للمعارف. بينما بدا أن بعض المشاركين في مجموعة المقالة قاربوا المعارف من وجهة نظرٍ مطلقة، بينما لم يفعل ذلك أيٌّ من طلاب مجموعة الحوار.
وتنصح الدراسة بفعل كل شيءٍ متاحٍ لتشجيع ودعم المحادثة والنقاش للقضايا النقدية، فهو أكثر واقعية وعملية للوصول لفهم أصدق وحلول عملية.