هل يصح الصوم على من مات وعليه دَيْنٌ صوم لم يقضه؟
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com
الفتوى رقم :625/
الســــــــــــؤال
قال السائل: أفطر أبي بسبب سفر، ومر عليه زمن يكفيه للقضاء، ولم يفعل، ومات قبل أن يقضي ما عليه من دَيْنِ رمضان، وسؤالي: هل يصح أن أقضي عنه؟ وإذا لم أستطع فما هو الحل؟. وهل يكون لأبي نفس الأجر كما لو صام هو؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الأصل أن المسلم يقوم بواجبه في حياته: وهذه النصيحة لنا ولكل مسلم ومسلمة أن نحرص كل الحرص على أداء الفرائض في وقتها، كالصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع، وأداء كل الأمانات إلى أهلها، وقضاء الدُّيُون، وكل ذلك من باب: {حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا} فلا يتكل المسلم على أن أولاده يقضون ما عليه من الديون. لقد أمر الله تعالى المؤمنين جميعا بالصيام، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (سورة البقرة: 183،184) ومن صام رمضان نال من الخيرات والبركات الشيء الكثير، ففي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه] (البخاري:38)ومن أفطر يوما أو أكثر لعذر شرعي، كالسفر، أو المرض، وجب عليه المبادرة بصوم ما عليه من الدَّيْنِ. ولذلك أفتى بعض العلماء على أن من لم يقض وتهاون، حتى بلغ رمضان الموالي، فعليه القضاء والإطعام. ففي الموطأ {روى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى صِيَامِهِ، حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ. فَإِنَّهُ يُطْعِمُ، مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ، مِسْكِيناً. مُدّاً مِنْ حِنْطَةٍ. وَعَلَيْهِ مَعَ ذلِكَ الْقَضَاءُ.}(الموطأ:1091) وفي المكتبة الخاصة:الفقرة:684. صفحة:209. وفيه: {فإنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة}.والْمُدُّ حفنة بكفي الرجل الكبير، والمد بالوزن رطل وثلث. ففي مسند الشافعي:{(المد بالضم ربع صاع وهو رطل وثلث بالعراقي، عند الشافعي، وعند أهل الحجاز، (ومنه المدينة) ورطلان عند أبي حنيفة وأهل العراق)} والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: (هل يصح أن أقضي الصوم عن أبي؟وإذا لم أستطع فما هو الحل؟.) والجواب نعم، يجوز لمن مات وعليه صيام أن يصوم عنه وَلِيُه. عملا بالحديث الشريف. عن عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [منْ مَاتَ وعليْه صِيَامٌ صام عنه وليه] (رواه مسلم. رقم الحديث: 1147)ومن لم يستطع الصوم على من مات يطعم عنه. والإطعام من تركة الميت، فإن أطعم الولي من ماله الخاص، صح ذلك. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل: (وهل يكون لأبي نفس الأجر كما لو صام هو؟) نقول: إن شاء الله تعالى. ولكن المسلم يعلم بإذن الله تعالى مما علمه سبحانه، من القرآن والسنة، يعلم ما إذا كان العمل صحيحا وفق الأحكام الشرعية، والقواعد الفقهية، أو فاسدا إذا كان العمل مخالفا لحكم أو قاعدة أو ضابط أو شرط. أما مقدار الأجر والثواب، والقبول، فذلك علمه عند الله سبحانه، وهو تبارك وتعالى بكل شيء عليم، عليم بما عَلَّمَنا وعليم بما لم نعلم، وهو سبحانه علام الغيوب. وعلى المسلم كما سبق أن ذكرت أن يحرص على أداء كل عمل في وقته وبشروطه. ثم على المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.